لم يكن غرض العدو أن يقارع ثقافة بثقافة، أو أن ينازل ضلالاً بهدى، أو يصارع باطلاً بحق، أو أن يمحو أسباب ضعف بأسباب قوة؛ بل كان غرضه الأول والأخير أن يترك في ميدان الثقافة في العالم الإسلامي، جرحى وصرعى لا تقوم لهم قائمة، وينصب في أرجائه عقولاً لا تدرك إلا ما يريد لها هو أن تعرف، فكانت جرائمه في تحطيم أعظم ثقافة إنسانية عرفت إلى هذا اليوم، كجرائمه في تحطيم الدول وإعجازها مثلاً بمثل. وقد كان ما أراد الله أن يكون، وظفر العدو فينا بما كان يبغي ويريد.