«اكتشاف 139 كوكبًا صغيرًا في النظام الشمسي الخارجي»
«اكتشاف 139 كوكبًا صغيرًا في النظام الشمسي الخارجي»
ساعدت طريقة بحث جديدة على كشف الستار عن أكثر من مئة كوكب قزم بعيد، وهذا يعزّز الأمل في حل لغز «الكوكب التاسع».
وقد أعلن علماء الفلك -باستعانتهم بمسح «الطاقة المظلمة»- عن اكتشافهم 139 كوكبًا قزمًا، تقع مداراتها خلف كوكب نبتون، ويأملون أن تساعد هذه الطريقة على اكتشاف آلاف من هذه الأجرام الصغيرة البعيدة خلال السنوات القادمة، ما يعني أن المئة الأولى المكتشفة منها ما هي إلا «قمة الجبل الجليدي»، إذ يمكن لهذه الأجرام أن تساعد على حل أحد أكثر الأسئلة إثارة، وهو:
هل يوجد كوكب ضخم وغامض يدعى «الكوكب التاسع» يقع أقصى نظامنا الشمسي؟
«ألغاز ما بعد نبتون»
يدور كوكب نبتون حول الشمس بمسافة تقدر بثلاثين وحدة فلكية (تساوي الوحدةُ الفلكية بعدَ الأرض عن الشمس)، ويقع خلفه حزام «كايبر»، وهو منطقة غنية بالصخور المتجمدة، وتنطلق منه العديد من المذنبات، ويقع ضمنه الكوكب القزم «بلوتو»، وتزيد كتلة هذا الحزام مئات المرات عن كتلة حزام الكويكبات الواقعة بين المريخ والمشتري، وتدعى جميع أجرام هذا الحزام «أجرام ما وراء نبتون (TNOs)». وتقع مدارات الأجرام الواقعة في حافته الخارجية على بعد 50 وحدة فلكية، ويُعرف منها نحو 3000 جرم اليوم، لكنّ التقديرات تشير إلى أن عددها قد يصل إلى مئة ألف جرم.
ومع اكتشاف المزيد والمزيد من «أجرام ما وراء نبتون» خلال سنوات، لاحظ بعض علماء الفلك أن لدى بعض مجموعاتها الفرعية مدارات خاصة بها، تتجمع بطرق غريبة فتبدو كأنها جسم غير مرئي يُجمِّع ما يسمى «أجرام ما وراء نبتون المتطرفة (eTNOs)» بمدارات محددة، ويعتقد بعض الفلكيين أن المدارات الغريبة لهذه الأجرام تشير إلى وجود عالم ضخم وبعيد يُسمّى «الكوكب التاسع»، وافترضوا أن كتلة هذا الكوكب أكبر من كتلة الأرض بـ5 إلى 15 مرة، وله مدار يبعد عن الشمس 400 وحدة فلكية، وأيضًا لديه من الجاذبية ما يكفي ليستطيع بها تنسيق مدارات أجرام (eTNOs)، وتجميعها معًا عندما تقترب من الشمس.
ومن جهة أخرى تظهر مشكلة أدلة وجود الكوكب التاسع على أنها غير مباشرة وضعيفة؛ لأنه قد يوجد أمر آخر يفسر المدارات المتكتلة لهذه الأجرام، أو أن اكتشاف الفلكيين هو عبارة عن بضعة أجرام مداراتها متماثلة.
إن اكتشاف المزيد من أجسام (TNOs) لا سيّما خلف حزام «كايبر» سيسمح للفلكين بأن يجدوا أدلة تزيد احتمالية وجود الكوكب التاسع في منطقة ما، أو أن ينفوا وجوده تمامًا.
ومع الاكتشاف الجديد للكواكب الصغيرة التي عددها 139 ضمن هذه الدراسة -بما فيها سبعة أجرام (eTNOs)- فإن ذلك يقدم إضافة مهمة لقائمة بلغت نحو 12 جرم (eTNOs) اكتُشفتْ قبل بضعة أشهر فقط.
كاميرا جديدة، أسلوب جديد!
ومن الجدير بالذكر، أن علماء الفلك في جامعة بنسلفانيا قد عثروا على أجسام (TNOs) الجديدة باستخدام بيانات مسح الطاقة المظلمة (DES)، التي لم تكن مصممة أصلًا للبحث عن الكواكب الصغيرة البعيدة.
إن عملية مسح الطاقة المظلمة «DES» هي جهد دولي لفهم الطاقة المظلمة، بدأ بمراقبة القبة السماوية الجنوبية عام 2013 باستخدام كاميرا ذات حساسية عالية مثبتة على تلسكوب «Blanc» بلغ قطره 4 أمتار، ويقع في جبال الأنديز التشيلية، حيث عمل «جاري بيرنشتاين» مع عالم الفلك «ماساو ساكو» وطالب الدراسات العليا «بيدرو برناردينيلي» -وكلاهما من جامعة بنسلفانيا- على ملائمة بيانات «DES» للكشف عن أجرام (TNOs)، فقال «برناردينيلي» لمجلة علم الفلك: «يحاول معظم الأشخاص العثور على أجرام (TNO) عن طريق التقاط صور متعددة للسماء بفارق عدة ساعات، بحيث يستطيعون رؤية الأجرام بسهولة وهي تتحرك عبرها، ولكن هذه ليست الطريقة التي تعمل عليها بيانات {DES}».
كان على «برناردينيلي» تصميم خوارزميات جديدة تستطيع تمييز الأجرام عن طريق الربط بين النقاط اللامعة في صور «DES» مما يساعد على تحديد أجرام (TNOs)، ويتحقق الباحثون بعد ذلك من حركة هذه النقاط عن طريق خوارزميات، لتأكيد أن هذه النقاط هي أجرام (TNOs)، وبذلك يستطيعون تصفية الأجسام الزائفة.
وقد قام «برناردينيلي» بدايةً بتحليل مجموعة صغيرة من بيانات «DES»، لكنه عندما طبق خوارزميته على بقية البيانات توقع اكتشاف 500 من أجرام (TNOs) أو أكثر، وفي حال تطبيق هذا الأسلوب واستخدام مسوحات أكثر دقة في المستقبل، مثل مرصد Vera C.Rubin الجديد، فإنه من المتوقع اكتشاف الآلاف من أجرام (TNOs)، ومع هذه الأعداد من أجرام (TNOs) فإن الفلكيين قد يستطيعون الوصول إلى إجابة قاطعة حول ما إذا كان نظامنا الشمسي يؤوي كوكبًا عملاقًا في أقاصيه أم لا.
«سؤال حول الكوكب التاسع»
يصف «باتيجين» -الذي لا يزال يتابع بحثه عن الكوكب التاسع- هذه الطريقة الجديدة لإيجاد أجرام (TNOs) بالفكرة الرائعة، مضيفًا: إن هذا البحث قد كشف الغطاء عن أجسام جديدة، لم تكن لتُكتشف من دونها لسنوات.
ولسوء الحظ، لم تدلنا أجرام (TNOs) بعد على أي شيء حاسم حول الكوكب التاسع، إذ كشف الباحثون عن نتائج مبكرة لمعرفة ما إذا كانت مدارات هذه الأجرام السبعة تدعم نمط التكتل الذي يشير إلى «الكوكب التاسع»،
ويعلق ساكو على ذلك قائلًا: «إذا كانت البيانات الأولى التي ظهرت هي المعتمدة، فلن يصل أحد إلى فرضية «الكوكب التاسع» لأنه لا يوجد أي تكتل في مدارات لأجرام (eTNOs) الجديدة»، وأضاف: إن ذلك لا ينفي وجود الكوكب التاسع، لأن الأسلوب الجديد في البحث لم يكشف بعد أجرام (eTNOs) أخرى، والتي تدعم فرضية الكوكب التاسع أو حتى يمكن أن تكشفه هو نفسه.
تقول آن ماري ماديجان، عالمة الفلك في جامعة كولورادو بولدر: «إنه من الصعب اكتشاف أجرام (TNOs)، ومع ذلك فإن العثور على أي جرم منها سيخبرنا الكثير عنها».
كما أنه كلما اكتشفنا المزيد والمزيد من أجرام (TNOs) فإن ذلك سيطلعنا على أدلة عن الكوكب التاسع، أو بدلًا من ذلك ستُلغي نظرية «ماديجان» المتعلقة بالجاذبية الجماعية للأجسام البعيدة الحاجة الواضحة إلى كوكب تاسع.
«قصة النظام الشمسي»
سواء في حال وجود الكوكب التاسع وعدم وجوده؛ سيقدم فَهم مدارات أجرام (TNOs) وخصائصها نظرة ثاقبة في تاريخ الكواكب العملاقة، أو ربما وجود كوكب عملاق قديم قُذف إلى أقاصي النظام الشمسي خلال سنوات عمره الأولى.
يقول برنشتاين: «إن أجرام (TNOs) هي بقايا ما حدث في النظام الشمسي منذ زمن بعيد جدًّا».
ويضيف قائلًا: «إنهم هناك في مخزن بارد».
المصدر :
https://astronomy.com/news/2020/03/astronomers-find-139-new-minor-planets-in-the-outer-solar-system