وما من شيء خبيث نعتدُّه شرًّا إلا وفيه وجهة تخرج منه الخير، وهذه الجهة في الإلحاد هي الغرور والوهم، فلو أصبت إلحادًا لا غرور فيه ولا وهم فاعلم أنك أصبت عقلًا في مجنون أو جنونًا في عاقل، وليس ذلك بدعًا فإن في كل دائرة نقطة تعدها الغاية التي يرتقي إليها طرفا المحيط إذا نظرت إليهما صاعدين نحوها فإن نظرت إليهما منحدرين عنها كانت هذه النقطة عينها مبدأ السقوط ولم يكن ثمة فرق بين القوسين المنحدرين إلا في الجهة يمنةً ويسرةً، كما لا فرق بين عقل المجنون وجنون العاقل إلا في الجهة؛ لأن كليهما وبال على صاحبه، وأحمق ما يكون المجنون إذا رأيته يتعاقل!