تتولد أو تفرز في منطقة الإصابة مجموعة من المواد لها تأثير كبير على بيئتها المحيطة، وأبرزها بروتين يسمى (C5a) ينتمي إلى مجموعة تضم نحو 20 بروتيناً تشكل جزءاً من منظومة الدفاع المناعية في الجسم وتسمى هذه المجموعة بالمتممة (Complement).

ولبروتين (C5a) القدرة على التأثير على ما يحصل من حوله، فبواسطته تتوسع الأوعية الدموية في المنطقة ويزداد تدفق الدم و يرفع مستوى نفاذية الأوعية الدموية، ما يجذب ويسهل وصول لواء خاص من جيوش كريات الدم البيضاء، تسمى العدلات (Neutrophils) تنتمي إلى فرقة البالعات (phagocytes).

وتمثل العدلات الخط الأول من كريات الدم البيضاء ضد الأجسام الممرضة الغازية، ويتم إنتاجها في نقي العظام (Bone marrow)، وتتوفر بكثرة في الدم وعند حدوث إصابة تنسل عبر الأوعية والأنسجة باتجاه المنطقة الملوثة.

الآن وبعد وصول العدلات ستدور معركة رهيبة بأسلحة مدروسة بعناية ودقة ، إذ ستبدأ العدلات بالإحاطة بالبكتيريا بحويصلة بلعمية (phagocytic vesicle) وتسمى العملية بالبلعمة، ويحدث تفاعل كيميائي يسمى الهبة التنفسية ، فتبدأ كرية الدم البيضاء بنشر أسلحتها فتطلق إنزيماً مضاداً للدروع يسمى (lysozyme) يحطم الجدار الخلوي للبكتيريا، وإنزيم آخر يسمى (Defensins) يدمر الغشاء الخلوي، ولا تكتفي بهذا بل تطلق أسلحة كيميائية خاصة عبارة عن بروتينات أنزيمية مثل (proteases) و(elastase) تخرب البكتيريا وتقوم بروتينات أخرى مثل (Lactoferrin) بالقضاء على مخزون البكتيريا الغذائي اللازم لنموها، وتُغير الوسط المحيط بالبكتيريا الى حمضي فتقضي عليها قضاءً تاماً.

وكما تلاحظون أن هذا التصميم الدقيق والنظام المعقد والإدراك الوظيفي، على مستوى خلية دفاعية واحدة (غيرعاقلة) في جسدنا؛ كل هذا يثير تساؤلاً عند الإنسان العاقل صاحب المنطق السليم هل كل هذا نتاج الصدفة أو العشوائية أو طبيعة غير عاقلة؟؟ بالطبع لا..

وهل انتهت المعركة بين جهازنا المناعي والأجسام الغريبة هنا؟

يتبع..

المصادر:

https://isites.harvard.edu/fs/docs/icb.topic1290469.files/PMN%20review.pdf

https://courses.washington.edu/conj/bloodcells/phagocytosis.htm

https://www.webteb.com/general-health/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%A7%D8%A8

https://en.wikipedia.org/wiki/White_blood_cell