توظيفُ الذكاءِ الاصطناعيِّ في تشخيصِ بعضِ الأمراضِ الجينيَّة
توظيفُ الذكاءِ الاصطناعيِّ في تشخيصِ بعضِ الأمراضِ الجينيَّة
المقال بتعليق صوتي لأخونا Aljazzar VO ” بلابل الباحثون المسلمون ”
( لسماع المقال تجدون إضغط الرابط أسفله لبدء الاستماع )
يعد الذكاء الاصطناعي أحد «التكنولوجيات المتقدمة» التي تقوم عليها الثورة الصناعية الرابعة التي نعيشها اليوم، والتي قد تغير شكل العالم في العقود القادمة، وهو بشكل مبسط: جعلُ آلةٍ ما تبدو ذكيةً عبر برمجتها بشكل يحاكي أو يقلد بعض خصائص العقل البشري، ولكن كيف يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في حقل «علمي» دقيق كتشخيص مرض جينيٍّ معين؟
المفتاح يكمن في أفكار متعددة، منها: أن بعض الأمراض الجينيَّة والمتلازماتِ الوراثيةِ لها أعراضٌ شكليةٌ ظاهريةٌ، تظهر على وجه الإنسان أو البشرة أو أعضاء أخرى في الجسم، ومن ثمّ إذا قمنا ببرمجة تطبيق هاتف مثلاً وزودناه بخوارزميات تقوم بمقارنة صورة لهذا المريض بصور مسبقة في قاعدة البيانات مصنفة تحت أسماء أمراض عدة، فمن الممكن أن يقوم هذا التطبيق بالتحليل وإعطائنا تشخيصَ المرض بشكل مبدئي، أما على مستوى تحليل البيانات، فتوجد يومياً مئات الأبحاث التي تنشر حول موضوع علمي معين وبات من الصعب للأطباء والعاملين بهذا المجال متابعتُها جميعاً واستخدامُ نتائجها في تحليلاتهم أو تشخيصاتهم؛ لذلك فإن استخدام «التعلم العميق» للآلة أو ما يسمى (Deep Learning) في الميدان الطبي له نتائجُ رائعةٌ في هذا السياق ويقلل من أخطاء التشخيص وخاصة تشخيصَ بعض السرطانات.
على سبيل المثال، قام باحثون مؤخراً في اختبار فعالية الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن مرض ألزهايمر عن طريق خوارزمية قامت بتحليل البيانات الناتجة عن أكثر من 2000 صورة دماغية لألفٍ واثنين (1002) من المرضى بالاعتماد على «التعلم العميق» للكشف عن أنماط (استقلابية) معينة مترافقة مع المرض قبل سنوات من ظهوره، ومن ثم قاموا باختبارها على 40 حالة جديدة، وقد أظهرت التجربة حساسية بنسبة 100% في الكشف عن المرض قبل معدل ست سنوات من تشخيصه النهائي.
وكمثال آخر، يوجد الآن تطبيق هاتف نقال يسمى (Face2Gene) يستخدم هذه التكنولوجيا لإدراك أنماط شكلية غير طبيعية الوجه، تتسبب بها متلازمات وراثية أو تغيّرات جينية معينة، فقد تم تجربة أكثر من 500 صورة لمرضى يعانون من 92 متلازمة وراثية مختلفة، وكان التطبيق يقدم عشرة احتمالات بينها الإجابة الصحيحة ل 91% من الحالات.
«طبيب + أداة تكنولوجية أفضل من طبيب بمفرده»
بالتأكيد، فإن التخصص العلمي أمر ضروري للتعامل مع هذه الأدوات وهي ليست لغير المختصين، ولا تلغي عمل الطبيب ولا اجتهاده الضرورييّن للتشخيص والمعالجة الفعالة، وإنما وجود مثل هذه الأدوات يجعل الطبيب المختص أكثر تمكناً ودقة.
المصادر: