جولة في غرائب المخ
– جولة في غرائب المخ – هل يمكن أن يعيش الإنسان بنصف مخ ؟ هل ينقسم الوعي إلى نصفين إذا فصلنا نصفي المخ ؟ الإرادة الحرة – الوعي الذاتي ؟
1-
هل يمكن أن تعيش بنصف مخ أو دماغ ؟
الطفلة كاميرون Cameron تعد من أشهر الحالات الحديثة التي تجسد لنا هذا الأمر الغريب – فهي ولدت كأي طفلة عادية – ولكن مع وصولها لسن الثالثة بدأت تنتابها نوبات صرع للأسف (تصل إلى العشرات يوميا) !! حيث يتوقف جسدها فجأة عن الحركة وتسقط أرضا على أي وضع هي عليه (ولذلك كثيرا ما كانت تلبس خوذة)
كان السبب في هذه الحالة هو اضطراب كهربي في النصف الأيمن من المخ أو الدماغ Brain بسبب التهاب راسموسن الدماغي Rasmussen’s encephalitis – وهو التهاب غير معروف السبب على وجه التحديد إلى الآن – لكن فيه تتسرب الخلايا المناعية التائية إلى أحد نصفي المخ وتبدأ في إتلافه (لا تبدأ الإصابة إلا بنصف مخ فقط الأيمن أو الأيسر) – مما يسبب اضطرابات عصبية وكهربية ينتج عنها التشنجات والصرع – ومع الوقت يبدأ المخ ككل في التدهور للأسف عافانا وعافكام الله
الطفلة كاميرون كانت حالتها مميزة لصغر سنها وكثرة ما يصيبها الصرع لدرجة تجعل تخيل حياتها بهذه الصورة صعب جدا – مما جعل الأطباء يعرضون على الوالدين فكرة جريئة وهي : إزالة نصف المخ الأيمن الذي فيه المشكلة
وهكذا وجد الوالدان نفسيهما أمام خيارين كلاهما خطر – إما ترك الفتاة بهذه الصورة وهذا لا يبشر بخير أبدا مع تقادم عمرها – وإما المخاطرة بإزالة نصف المخ مع ترقب ماذا سيحدث للفتاة من مضاعفات مترتبة عليه قد تصل إلى حد الشلل النصفي (لأن الشهير هو أن نصف المخ الأيمن يتحكم في نصف الجسم الأيسر والعكس بالعكس) – أو فقدان العديد من مَلكات الإنسان التي يعتقد الناس أن لها أماكن (معينة ومحددة) في كل نصف من نصفي المخ
واختار الوالدان إزالة نصف المخ – وبالفعل قام الأطباء بالعملية الجريئة – مستغلين صغر سن الطفلة (على افتراض أن نصف المخ الباقي سيستطيع مع الوقت التكيف وحمل عبء مهام نصفي الجسم كلها) – وعلى ذلك : وبعد انتهاء العملية في اليوم التالي : بدأ مباشرة العلاج الطبيعي الهام لتحريك أعضاء وأطراف الطفلة والتكلم معها وحثها على مختلف الأنشطة .. وكانت المفاجأة للوالدين : أن البنت استطاعت مع الوقت التأقلم بالفعل مع الوضع الجديد – والتحدث والمشي والجري – لكنها أصيبت بقلة تحكم في الذراع الأيسر ملحوظ – وبميل بسيط في الفم – لكنا دونا عن ذلك : الفتاة صارت تعيش حياتها الطبيعية تماما – الصرع انتهى – وأصبحت تذهب إلى المدرسة
هذا رابط يوتيوب لأحد البرامج الأمريكية الذي تحدث عنها واستضافها هي ووالديها وأختها في الاستوديو مع خبيرة طبية :
Girl Living With Half Her Brain
https://www.youtube.com/watch?v=2MKNsI5CWoU
وبالطبع إذا كان الأمر مفاجئا لوالدي الفتاة : فلم يكن مفاجئا للأطباء أنفسهم .. فعملية إزالة نصف المخ هي عملية جراحية تعرف بـ Hemispherectomy – ويقال أن أول مَن قام بها هو الطبيب الألماني Friedrich Goltz عام 1888م وكانت على كلب – وأما أول مَن قام بها على البشر فيقال أنه طبيب الأعصاب والتر داني Walter Dandy عام 1928م حيث أجراها على مريض بسرطان في المخ بمستشفى جون هوبكنز Johns Hopkins Hospital
المصدر :
Neurological Institute, Cleveland Clinic (February 8, 2017). “Hemispherectomy”. CHASA.ORG. Retrieved February 8, 2017.
وتعد مستشفى جون هوبكنز من الجهات الشهيرة بإجراء تلك العمليات
أيضا ….
هناك حالات أخرى وهي مَن يولدون أصلا بنصف مخ أو دماغ !! حيث مع الوقت والنمو منذ مرحلة الجنين والنصف الباقي من المخ يتأقلم على إدارة الجسم حسب المتاح (وقد يفقد بعض المهارات المرتبطة بالنصف غير الموجود لانشغال النصف الموجود بالقيام على كل المهارات الممكنة) – لدرجة أنه تم اكتشاف فتاة بالمصادفة (عمرها 10 أعوام) وجد الباحثون أن لديها قدرة على مجالي الرؤية (الخاصين بالعينين) رغم أنها تستقبل بعين واحدة فقط المربوط بها النصف الموجود من المخ !! وقد تم إجراء دراسة عليها بجامعة جلاسكو University of Glasgow تحدثت عنها جريدة الديلي ميل في 2009م
Girl born with half a brain is only person in world to see both fields of vision through one eye
الرابط :
https://www.dailymail.co.uk/health/article-1200958/Girl-born-half-brain-person-world-fields-vision-eye.html
فهل تؤمنون بغرابة المخ البشري ؟!
————————
2-
هل فصل نصفي المخ أو الدماغ : يعطي وعيين منفصلين ؟
الحقيقة أن هذه الفكرة كانت سائدة لسنوات – وهي ان فصل حلقة الوصل بين نصفي المخ الأيمن والأيسر (وخصوصا لعلاج بعض حالات الصرع) فإنه يؤدي إلى توليد شخص بـ (وعيين) أو اتجاهيين في الإحساس والشعور والاستجابات : منفصلين عن بعض (وقد يكونا حتى متضادين)
والحقيقة أن هذه الفكرة لم تعد صحيحة وفقا لآخر الأبحاث والدراسات التي تم نشرها في دورية المخ journal Brain – حيث ننقل لكم من موقع أخبار الأعصاب الشهير Neuro science news المقال التالي الذي يتعرض لذلك البحث أو تلك الدراسة في يناير الماضي 2017م من جامعة أمستردام University of Amsterdam بعنوانه الصريح وهو :
(فصل نصفي المخ لا يؤدي إلى وعيين منفصلين)
Split Brain Does Not Lead to Split Consciousness
الرابط :
حيث يقولون في الملخص :
دراسة جديدة تتعارض مع النظرة السائدة بخصوص امتلاك مرض فصل نصفي المخ لوعيين منفصلين – حيث بدلا من ذلك فقد وجد الباحثون القائمون على الدراسة بقيادة عالم النفس بجامعة أمستردام يير بينتو : أدلة قوية تبين أنه على الرغم من عملية فصل نصفي كرة المخ اليمين والشمال – إلا أن هذا التقسيم للمخ لم يتسبب في وجود وعيين ملاحظين مستقلين في المخ الواحد
A new research study contradicts the established view that so-called split-brain patients have a split consciousness. Instead, the researchers behind the study, led by UvA psychologist Yair Pinto, have found strong evidence showing that despite being characterised by little to no communication between the right and left brain hemispheres, split brain does not cause two independent conscious perceivers in one brain.
ومرفق تفصيل التجربة في الرابط مع هذه الرسمة التوضيحية :
https://i0.wp.com/neurosciencenews.com/files/2017/01/split-brain-consciousness-neurosciencenews.jpg?w=750
حيث تم تقسيم الرسمة بالعرض إلى حالتين – الحالة الأعلى وهي ما كان شائع سابقا من وجود وعيين ملاحظين مختلفين أو مفصولين – والحالة بالأسفل وهي ما وجدته التجربة بالفعل من تطابق الوعيين في الإجابات المنفصلة – أما التقسيم الطولي في الرسمة فيعرض 3 أسئلة للمريض :
أولا (من اليمين) :
وضع دائرة أمام مجال عينه اليمين وسؤاله عن هل يوجد شيء أم لا ؟ ثم وضعها أمام مجال عينه اليسار وسؤاله هل يوجد شيء أم لا ؟ ثم وضع دائرة أمام مجال عينه اليمين ومربع أمام مجال عينه اليسار وسؤاله عن هل الشكلين متشابهين (متطابقين) ؟
————————–
3-
الإرادة الحرة
لا زال مبحث الإرادة الحرة Free Will من أكثر المباحث الشائكة في النظرة المادية (والإلحادية) للعلوم – حيث هناك رغبة تامة في أن يكون تفسير كل شيء في الإنسان من سلوك وأخلاق وعاطفة ومشاعر وعقل وإبداع وخيال وأحلام إلخ : يكون خاضع للتفسيرات المادية فقط والتي تنظر للإنسان ككومة من الذرات لا أكثر ولا أقل !!
وبالطبع المجال خطير للتلاعب فيه (لأن الإرادة الحرة أو العقل المكافيء لها Mind هو مناط الحساب والتكليف والثواب والعقاب في أي قانون وفي الأديان) – حيث يترتب على التلاعب فيه جرائم إنسانية لا عد لها ولا حد (تخيل أن تنتفي عن كل مجرم حرية إرادته ويلقي التبعة على المادة والذرات) ؟! وفي سبيل ذلك يتم الالتفاف على الكثير من التجارب العصبية لتفسيرها (ماديا) لنفي حرية الإرادة (معلوم أن أصل كلمة عقل في اللغة العربية هو المنع – فعقل الإنسان يمنعه من أن ينساق خلف أي شيء كالبهيمة أو الحيوان الذي تغلبه غريزته أو شهوته – ومنه جاء العقال الذي يتم ربط به البعير)
هذا مقال من مجلة العلوم (النسخة العربية) لإيدي نامياس يستعرض فيه أحد جوانب الالتفاف هذه من علماء (أغلبهم ملاحدة كما يعرفهم المتابع للشأن الإلحادي مثل سام هاريس وجيري كوين وغيرهما)
العنوان :
(لماذا نمتلك إرادة حرة)
الرابط :
https://www.scientificamerican.com/arabic/articles/from-the-magazine/why-we-have-free-will/
حيث يتلاعب الماديون والملاحدة بتسجيل القراءات الكهربية والعصبية لبعض الأمور قبل أن تظهر فعليا على أرض الواقع بأجزاء من الثانية أو عدة ثواني – فيفسرون ذلك تفسيرا ملتويا أنه (يؤكد) على تأخر (الوعي الظاهر) عن الآمر والناهي الحقيقي الذي هو في الباطن (ما هو هذا العقل الباطن ؟!! لا إجابة !!)
في حين أن كلنا نعلم أن هناك أشياء بالفعل نفكر فيها (أو يحصل نشاط مخي أو عصبي أو كهربي لها) قبل أن نفعلها أو قبل أن تترجم إلى حركات وأفعال – مثلا إذا أحضرت لي بابين وقلت اختر أحدهما فخلفه هدية قيمة – هنا بالتأكيد لن أختار مباشرة أي شيء – بل سأفكر أولا في أي علامة مميزة أو مرجح للباب وهكذا سيظهر نشاطه العصبي قبل أن اختاره بعدة ثواني او بجزء من الثانية
الأمر طبيعي تماما .. إلا عند الماديين والملاحدة
يتعاملون مع التجارب كما يتعامل التطوريون – بالافتراضات غير المدعومة وغير الحتمية في التفسير
وهنا يذكر كاتب المقال مقولة عالم الأحياء التطورية جيري كوين :
” واقع الأمر أنه وبالنسبة لكل اختياراتنا، لا يوجد منها ما نتج عن قرارٍ واعٍ من جانبنا. ليس هناك حرية اختيار، ولا توجد إرادة حرة “.
وهذه بالفعل هي الرؤية المتوافقة مع الإلحاد والمنهج المادي الذي ينظر للإنسان كمجموعة من الذرات فقط بلا وعي ولا روح ولا حرية اختيار – إذ الذرات لا تختار شيئا في تفاعلاتها إنما تتبع قواعد وقوانين كيميائية معروفة ولا تتغير في نفس الظروف
ولهذا ينقل الكاتب أيضا عن عالم الأعصاب الملحد سام هاريس وصفه للبشر بأننا (دمى كيميائية حيوية) !! يقول تعليقا على هذه الاختبارات التي يسيئون تفسيرها ويتلاعبون بمدلولاتها :
” إننا إذا ما استطعنا أن نكشف عن الاختيارات الواعية للناس بواسطة جهاز مسح دماغي قبل ثوانٍ من وعيهم بهذه الاختيارات؛ فإن هذا الأمر يمثل تحديًا مباشرًا لكونهم أشخاصًا واعين لما بداخلهم ”
والآن …
سنختم هذه النقطة بمثال بسيط جدا للتدليل على أن الإرادة الحرة لا دخل لها أصلا بالاستجابات العصبية والكهربية البحتة – بل هي شيء غير مادي متعلق بوعي ذاتي غير مادي (أو الأنا)
منذ الثلاثينات وتجارب عالم الأعصاب الشهير Wider Penfield على مرضاه لرؤية الاستجابات والآثار المختلفة الناجمة عن التنشيط الكهربي لمختلف اجزاء المخ (أي رؤية ماذا سيثير كل جزء في المخ من مهام وقدرات الإنسان وأعضائه) – وإلى وقت قريب أيضا مع تجارب روجر سبيري Roger Sperry الحائز على نوبل وغيرهم :
فإن موقفا متميزا يستحق الانتباه هنا وهو : عند استثارتهم العصبية لأحد الأطراف أن يتحرك (مثلا اليد اليمنى) – حيث هنا تتحرك اليد ((لا إراديا)) !! أي بغير اختيار صاحبها – لدرجة أنه يريد إمساكها بيده اليسرى !! هنا نجد مفارقة واضحة جدا تتمثل في :
معارضة الإرادة الحرة (الحقيقية) : لمجرد الاستثارة الأوتوماتيكية للأعصاب بالكهرباء أو الإشارات !!
هذا يعني أن الإرادة الحرة هي شيء (أعلى) من هذه الاستثارات والإشارات والتفاعلات التي تجري في المخ والأعصاب !! وبكلمة أخرى :
المخ والدماغ هي (وسيلة وآلة وماكينة) تعمل تحت يد (حرية الإرادة) : وليست هي (حرية الإرادة) أو تلغيها !!
وبالمثل : فإن الاستجابات الجسدية للمشاعر (مثل زيادة إفراز هرمون معين نتيجة الحب أو السعادة أو الغضب والتحفز أو احمرار الوجنتين عند الحياء أو الخجل إلخ) لا يمكن تفسيرها بأنها (هي نفسها) تلك المشاعر أو أنها (هي نفسها) المتسببة في المشاعر (فنضع العربة أمام الحصان) !!
بل وحتى لو أحدثنا أثرا ميكانيكا عن طريق حقن إنسان ما بهرمون أو استنشاقه لغاز ما (مثل غاز الضحك) : فلن يكون هناك أي معنى لأب يضحك رغما عنه بغاز الضحك وابنه ميت بين يديه !!
هل يمكن لعاقل ان يسمي الضحك هنا (سعادة) أو يصفه حتى بأنها (ضحك حقيقي) ؟!
وكذلك الأخلاق والسلوكيات – لا يملك الماديون لها إلا التفسيرات التطورية والداروينية – وبذلك ينزعون من الأخلاق الجميلة جمالها – ومن الأخلاق المجرمة إجرامها !!
فلا الكرم سيكون له معنى جمالي ولا الإيثار ولا المحبة ولا التضحية (لأنهم سيخترعون لها سيناريوهات تطورية للإبقاء على الفرد أو الجماعة أو النسل) – ولا سيكون لأي عمل إجرامي وزنه في الوحشية مثل قتل الضعيف أو التعقيم الجبري لأعراق بشرية يظن الماديون أنها (أقل تطورا) من الإنسان الأبيض أو يقتلونهم بكل برود على أساس أنهم أقرب للغوريلا من قربهم للإنسان الأبيض !!
وقس على ذلك السرقة والاغتصاب والتعدي بكل صورة من القوي على الضعيف – فهذا كله حسب السيناريوهات التطورية مخفف العبء عن فاعله لأنه (يتصرف) كما تقتضي (الطبيعة) و (التطور)
————————————-
4-
والآن الختام مع : هل الوعي الذاتي يمكن تمثيله كذلك بتفاعلات المخ وعلاقاته (المادية) بعضها ببعض ؟
في مجلة الفلسفة عام 1986م المجلد 83، رقم 5، صفحة 291-295 قدم العالم فرانك جاكسون حجته لتعريف الوعي الذاتي (أي شعور كل إنسان بخاصية نفسه التي لا يمكن أن يطلع عليها أحد) بمثال بسيط فقال :
إذا العلماء وضعوا ماري في غرفة من لونين فقط طيلة حياتها وهما الأبيض والأسود، بحيث لا تكتسب أية معلومات عن العالم إلا من خلال تلفزيونات وكمبيوترات لا تعرض أيضاً الأشياء إلا بالأبيض والأسود، وهي من خلال هذه التلفزيونات والكمبيوترات تستطيع الحصول على أية معلومات (نظرية) وليست (عملية) عن وصف ما يشعر به الإنسان عند رؤية الأشياء والطبيعة والألوان، وكل ذلك يترجم لها محصلة (العلم التجريبي) التوصيفي للأِشياء، والسؤال:
تم فتح باب الغرفة لماري لأول مرة في حياتها: ورأت بعينها (عملياً) زهرة حمراء !! فهل يشك أي أحد في أن هناك (وعياً ذاتياً) و (شعوراً خاصاً) ينتابها الآن مع رؤية اللون الأحمر: لم يوجد في توصيف العلم التجريبي الذي لطالما قرأته واطلعت عليه: بحيث يظهر معه قصوره وعدم استطاعته توصيل هذا الوعي الذاتي لديها باللون الأحمر الآن؟ بل: وقد يختلف وعيها به عن وعي شخص آخر حسب ما ستمثله له رؤية ذلك اللون؟
هذه الحُجة الفلسفية أو الفكرية (حُجة ماري) توضح لنا أحد جوانب قصور المنهج التجريبي أو العلم التجريبي وأنه عاجز أمام بعض الأِشياء الهامة في حياتنا بل واللصيقة بوجودنا وبـ (الأنا) الخاصة بكل منا
هذه المشكلة في صورتها الكبرى تسمى مشكلة الوعي الصعبة The hard problem of consciousness – يقول الباحث دانيال بور Daniel Bor واصفاً مدى معضلة هذه النتيجة على العلم التجريبي والمنهج المادي :
” هناك الكثير من المشاكل الصعبة في العالم، ولكن هناك مشكلة واحدة فقط تستحق أن تسمي نفسها بـ “المشكلة الصعبة”. تلك المشكلة هي مشكلة الوعي الصعبة: كيف لـ 1300 جراما من الخلايا العصبية أن يستحضر ذلك الخليط من الأحاسيس والأفكار والذكريات والمشاعر التي تشغلنا في كل لحظة من لحظات يقظتنا… المشكلة الصعبة لا تزال بدون حل “.
There are a lot of hard problems in the world, but only one gets to call itself ‘the hard problem’. That is the problem of consciousness—how 1300 grams or so of nerve cells conjures up the seamless kaleidoscope of sensations, thoughts, memories and emotions that occupy every waking moment… The hard problem remains unresolved.
المصدر:
New Scientist: The Collection. The Big Questions. Vol I, Issue I, p. 51.
وأما البروفيسور (الملحد والتطوري) كريستوف كوتش Christof Koch فيقول:
” كيف يحوِّل الدماغ النشاط الكهروبيولوجي إلى حالات ذاتية، كيف تتحول الفوتونات المنعكسة من الماء بشكل سحري إلى بحيرة جبلية محسوسة طيفية اللون، فهذا لغز. طبيعة العلاقة بين النظام العصبي والوعي تبقى محيّرة وموضوع مناظرات ساخنة لا تنتهي… تفسير كيف يمكن لجزء من المادة المنظَّمة بشكلٍ عالٍ أن يحتوي على منظور داخلي قد حطَّم المنهج العلمي، والذي قد أثبت في مناطق أخرى كثيرة أنه مثمر جداً ”
How the brain converts bioelectrical activity into subjective states, how photons reflected off water are magically transformed into the percept of an iridescent aquamarine mountain tarn is a puzzle. The nature of the relationship between the nervous system and consciousness remains elusive and the subject of heated and interminable debates… Explaining how a highly organized piece of matter can possess an interior perspective has daunted the scientific method, which in so many other areas has proved immensely fruitful.
المصدر:
Koch, C. (2012) Consciousness: Confessions of a Romantic Reductionist. Cambridge, Massachusetts: MIT Press, pp. 23-24.
إلى هنا تنتهي رحلتنا الشيقة مع عجائب المخ أو الدماغ
نلقاكم قريبا بإذن الله
#الباحثون_المسلمون