الرد العلمي والتاريخي على جريدة الديلي ميل وزعمها أن مخطوطات القرآن ببرمنجهام قد تكون قبل النبي محمد !!
الرد العلمي والتاريخي على جريدة الديلي ميل وزعمها أن مخطوطات القرآن ببرمنجهام قد تكون قبل النبي محمد !!
وطبعا يظهر من ركاكة الاستنتاج وسذاجته أن مَن قال به هو غير متخصص لا تاريخيا ولا علميا – وسنرى الآن لماذا – كما أنه من أعجب العجب كيف تترك قريش مثل هذه التمثيلية ولا يشير إليها أحد ولا يُشهر بها العرب ولا ينقلون التحذير منها إلى غيرهم كما أشاعوا على النبي أنه ساحر أو مجنون أو به مس إلخ ؟
كما أن المخطوطة بالخط الحجازي – الذي تطور فيما بعد إلى الكوفي !!
ولكن أولا : هذا هو رابط مقال الديلي ميل dailymail من 31 أغسطس 2015 وعنوانه الاستفزازي الذي يقول أن الخبر سـ (يهز الإسلام) !!
The ‘Birmingham Koran’ fragment that could shake Islam after carbon-dating suggests it is OLDER than the Prophet Muhammad
https://www.dailymail.co.uk/news/article-3216627/Koran-Birmingham-thought-oldest-world-predate-Prophet-Muhammad-scholars-say.html
وهو من اختيارات الجريدة من الـ MAILONLINE – وهذا رابط الصفحة التي تجدون فيها الإيميل بنفس عنوان المقال :
The ‘Birmingham Koran’ fragment that could shake Islam after carbon-dating suggests it is OLDER than the Prophet Muhammad
https://www.dailymail.co.uk/home/search.html?s=&authornamef=Jennifer+Newton+for+MailOnline
والآن مع التفاصيل والرد
===========================
1…
سنرجع اولا لمدة شهر للخلف – وتحديدا إلى 22 يوليو 2015 – ليطالعنا مقالان على نفس الجريدة الديلي ميل dailymail
أحدهما تقول جامعة برمنجهام أن مخطوطات القرآن هذه هي الأقدم إلى الآن :
University of Birmingham says Quran parchment among oldest
https://www.dailymail.co.uk/wires/ap/article-3170468/University-Birmingham-says-Quran-parchment-oldest.html
والمقال الثاني يتحدث عن نفس المخطوطات ويقول أنها تعود إلى ما بعد موت النبي محمد بقليل
World’s oldest Koran found: Pages from ancient manuscript may have been written shortly after Prophet Mohammad died – but could 1,400-year-old parchment spark Elgin Marbles-style row?
https://www.dailymail.co.uk/sciencetech/article-3170742/World-s-oldest-Koran-library-Pages-ancient-manuscript-written-shortly-Prophet-Mohammad-died.html
والآن : ماذا جاء من مقتطفات هامة في هذين المقالين لنعرف كيف أن المقال الثالث المتاخر ما هو إلا افتعال ضجة إعلامية – واضحة من سياق العنوان نفسه أن هذه المخطوطات ستهز الإسلام !! إلى هذه الدرجة ؟
دعونا نرى – لاحظوا ان المقالين يتحدثان عن نفس المخطوطة التي يتحدث عنها المقال الثالث صاحب الضجة المفتعلة –
======================
2…
في المقال الأول نجد الكلام التالي وترجمته :
“This manuscript could well have been written just after he died,” said David Thomas, a professor of Christianity and Islam at the University of Birmingham.
الترجمة :
“هذه المخطوطات قد تكون كتبت بالكاد بعد وفاة النبي محمد”
ديفيد توماس بروفيسور النصرانية والإسلام بجامعة برمينجهام
ويقول أيضا :
“Parts of the Quran that are contained in those fragments are very similar indeed to the Quran as we have it today. This tends to support the view that the Quran that we now have is more or less very close indeed to the Quran as it was brought together in the early years of Islam.”
والترجمة :
“الأجزاء من القرآن الموجودة في هذه المخطوطات تشابه إلى حد كبير في الحقيقة قرآن اليوم، مما يدعم أن القرآن الحالي هو مطابق للقرآن الأول كثيرا أو باختلاف ضئيل جدا”
ويقول كذلك :
Muslim tradition says the prophet received the revelations of the Quran between 610 and 632 — but it was not written down immediately. The first leader of the community after Muhammad’s death, Caliph Abu Bakr, ordered the book to be written and it was completed by the third leader, Caliph Uthman, in 650.
والترجمة :
“المصادر الإسلامية تقول ان النبي محمد تلقى الوحي في الأعوام بين 610 إلى 632م ولكنه لم يجمع وقتها ولكن بأمر أول قائد للأمة من بعده وهو الخليفة أبو بكر ثم أكمله القائد الثالث للأمة وهو الخليفة عثمان 650م”
ملحوظة : يذكر المقال في أوله وقت حياة النبي من 570 إلى 632م
ثم يواصل ديفيد توماس قائلا :
the test suggest the animal from which the parchment was taken was alive during the lifetime of the Prophet Muhammad or shortly afterward. “This means that the parts of the Quran that are written on this parchment can, with a degree of confidence, be dated to less than two decades after Muhammad’s death,”.
والترجمة :
“الاختبار – يقصد بالكربون المشع – يقترح أن الحيوان الذي تم عمل رق المخطوطات من جلده كان حيا في وقت حياة النبي محمد أو بعده بقليل، وهذا يعني أن الأجزاء المكتوبة من القرآن على هذا الرق للمخطوطات يمكن اعتبارها بدرجة من الثقة مكتوبة بأقل من عقدين من موت النبي محمد” ملحوظة : العقد = 10 سنوات
جميل جدا ……….
وهنا نشير إلى نقطة هامة لكل قاريء وهي : أن اختبار الكربون المشع يجري على رق جلد المخطوطة المكتوب عليها وليس على مادة الكتابة أو الحبر إلخ لصعوبة ذلك – ولهذا السبب تتفاوت تقديرات الباحثين والعلماء في عمر الكتابة لأن الحيوان الذي تم أخذ الرق من جلده للكتابة عليه قد يكون حيا في وقت أقدم من النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبل أن يتم ذبح الحيوان نفسه ودباغة جلده وربما الاحتفاظ به كفراش أيضا لمدة من الزمن أو غطاء : قبل الكتابة عليه !!
ولو لاحظتم ستجدوننا في النقطة 2 من المنشور 768 عن الأدلة التاريخية والأركيولوجية على ظهور الإسلام – نقطة الكربون المشع – ذكرنا فيها بالنص :
” عنوان الخبر والتعليق باستقبال المكتبة لهذه المخطوطات التي تقديرها لا يزيد عن 30 إلى 70 عام بعد النبي محمد (الاختلاف التقديري عائد لأنها مكتوبة على رق جلد حيوان) ”
إذن : الأمر معروف علميا ومُصرح به من أول يوم ظهور نتائج الاختبار !! فهل لم يعلم كاتب المقال صاحب الضجة الإعلامية كل ذلك ؟؟
سؤال وجيه 🙂
=======================
3…
فإذا انتقلنا إلى المقال الثاني الذي نقلنا لكم رابطه : نجده يقول :
The pages from the Islamic holy book manuscript are thought to be between 1,448 and 1,371 years old, making it the earliest copy of the the Koran in existence.
والترجمة :
“الصفحات من مخطوطات كتاب الإسلام المقدس – يقصد القرآن – يُرجح أنها تعود إلى من 1448 إلى 1371 سنة من الآن، مما يجعلها أقدم النسخ الموجودة حاليا للقرآن”
وتحت اول صورة موجودة للمخطوطات في المقال نجد مكتوبا :
They have been dated to between 568AD and 645AD. It may have been written shortly after the death of the Prophet Muhammad by someone who knew him
والترجمة :
“لقد تم حساب عمرها – أي تلك المخطوطات – بأنها بين 568 إلى 645م ، فهي من المحتمل تمت كتابتها بعد موت النبي محمد بقليل وبواسطة شخص يعرفه”
إلى هنا ويظهر الاتساق المنطقي / والعقلي / والعلمي / والتاريخي
إلى أن نصل إلى قمة الشذوذ والمصادرة على المطلوب بدون أي دليل في المقال الثالث الغريب صاحب الضجة الإعلامية !! حيث يقفز إلى استنتاجات من عنده : لا يدعمها ما تم اكتشافه بالفعل وتم ذكره في المقال نفسه كما سنرى الآن !!
=========================
4…
حيث يقررون في المقال نفس الأعمار للمخطوطات وللنبي محمد :
It is believed that the Birmingham Koran was produced between 568AD and 645AD, while the dates usually given for Muhammad are between 570AD and 632AD.
والترجمة :
“ويُعتقد أن قرآن برمنجهام يؤرخ بين 568 إلى 645م، بينما يُعطى محمد تاريخا في العادة بين 570 إلى 632م ”
وهنا ملحوظتين :
الأولى :
انهم لم يذكروا (النبي) محمد كالمقالين السابقين مما يفصح عن نوايا كاتبي المقال في الرغبة لتجريد نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم من مكانته – ولعلهم من المغتاظين من نشر جريدة الديلي ميل نفسها في 2012م لخبر إنجيل برنابا النسخة الحديثة التي تم العثور عليها وتعود لـ 1500 عام أي قبل ولادة النبي محمد أصلا ومذكور فيها البشارة الصريحة باسمه أكثر من 14 مرة في تركيا !!
عنوان الخبر ورابطه الذي هز انجلترا أيامها وإلى الآن :
Secret £14million Bible in which ‘Jesus predicts coming of Prophet Muhammad’ unearthed in Turkey
https://www.dailymail.co.uk/news/article-2105714/Secret-14million-Bible-Jesus-predicts-coming-Prophet-Muhammad-unearthed-Turkey.html
واما الملحوظة الثانية :
فهي ان عمر النبي بالميلادي من : 570 إلى 632م
وعمر هذه النسخة القرآنية يُقدر بـ: 568 إلى 645م
والسؤال :
هناك سماحية زمنية لنسخة القرآن هذه تتعدى زمن وفاة النبي بـ 13 سنة على الأقل – والحقيقة هي تتراوح في حدود 20 سنة كما رأينا من قبل – يعني على الأقل في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
فكيف إذن قفزوا إلى استنتاجات مضحكة تتعلق بما قبل هذه السنوات – وهو الاحتمال المُستبعد عقلا ومنطقا وتاريخا وعلميا – ليزعموا أن محمدا ومَن معه وجدوا القرآن من قبلهم ؟!!!
عجيب !!
===========================
وأما أخيرا وليس آخرا :
فما يدل على جهالة أصحاب هذه الأفكار – أو تدليسهم على الناس – أن القرآن كله بنيان واحد متماسك لا يمكن لأحد أن يُفرق بين أسلوبه الرباني ولا غعجازه ولا وقعه على النفس – وهو في اغلبه يتحدث عن النبي محمد والمؤمنين وما وقع لهم وغزوات الرسول وحياته ومواقف كثيرة للمسلمين إلخ – فهل تم غضافة كل ذلك على (قرآن قديم) بدون أي تغيير في السياق أو الأسلوب أو التذوق اللغوي والبصمة المميزة للمتحدث عز وجل ؟!!
وكذلك نقطة هامة جدا تهدم كل افتراضاتهم الخيالية الساذجة وهي : إذا كان القرآن مجرد عمل بشري وتأليف إنساني كان قبل محمد وجاء محمد ومَن معه فأكملوا عليه وأضافوا إليه إذن :
لماذا عجز العرب – كل العرب الأقحاح في اللغة – إلى اليوم عن الإتيان بمثل القرآن ولو بسورة من مثله كسورة الكوثر من 3 آيات فقط أو الصمد من 4 آيات ؟!! أليس هذا من التناقض الصارخ الذي يكشف حقيقة ادعاءاتهم وزيف مزاعمهم ؟
والحمد لله على نعمتي العقل والدين !!