أسباب العقم عند النساء (2) العقم البوقيّ
أسباب العقم عند النساء (2)
العقم البوقيّ
كنّا قد بدأنا معكم متابعينا الأفاضل في موضوع العقم وأسبابه وما عليكم فعله في كل سبب، وذلك لأهمية الأمر. وأوجزنا لكم في أحد أسبابه وهي حالة غياب الإباضة. وكما رأينا أنّها ولله الحمد قابلة للعلاج.
أما عن اليوم، فسنتابع معكم سبب آخر للعقم عند المرأة والذي يشكل ما تصل نسبته إلى 30% من الحالات .ولكنّه بفضل من الله مع تقدّم العلم قابل للتشخيص والعلاج حتى ينعم الأزواج بالذرية الصالحة التي تعيد البهجة لحياتهم بإذن الله، وهذا العقم هو العقم بوقيّ السبب.
1) لكن ما هو البوق؟ وما علاقته بالعقم؟!
كما تعلمون تَنْتج الخلية الأولى التي يتكون منها الجنين عن اتحاد البويضة مع النطفة. ولكن ما لا يعلمه البعض أن هذا الاتحاد لا يحصل في الرحم!، بل يحصل في الطريق الواصل بين المبيض (الذي تخرج منه البويضة) والرحم. يسمى هذا الطريق بـ “البوق” (ويسمى أيضًا قناة فالوب).
وبعد هذا الاتحاد في ذلك الطريق، تُهاجر البويضة الملقحة الناتجة للرحم. لكن ماذا لو كان هذا الطريق مغلقًا أو متشوهًا أو تالفًا؟! لن تستطيع النطفة الوصول للبويضة، وإن وصلت لن تستطيع البويضة الملقحة الوصول للرحم.
وتعد حالة العقم البوقي مسؤولةً عن حوالي 30% من مشاكل العقم عند النساء.
2) حسنًا، كيف يحدث هذا لذلك الطريق (البوق، أو ما يسمى قناة فالوب)؟
في الحقيقة هنالك أسباب متعددة لذلك:
• السبب الأشيع للعقم البوقيّ هو العدوى، ومن الأسباب الأخرى التي تؤدي لحدوث تندبّ وانسداد في البوق:
• داء الانتباذ البطاني الرحمي : (Endometriosis) وهو حالة تنمو فيها الطبقة المبطّنة للرحم في أماكن خارج الرحم ومنها البوقين، فيحدث نتيجة لذلك تندّب في البوق.
• الداء الالتهابي الحوضي (PID): وهي حالة ناجمة عن عدوى تصيب أعضاء الجهاز التناسلي عند الأنثى.
• الأمراض المنقولة جنسيًا (STD): وأكثرها شيوعًا الإصابة بالكلاميديا والنيسيريا البنية (المسببة للسيلان).
• الحمل المنتبذ (خارج الرحم).
• الخضوع لجراحات سابقة: حيث يعتبر عامل خطورة خاصّة في الحالات التي يحدث فيها تمزّق في الزائدة الدودية، أو وجود سوابق جراحيّة في البطن.
• موه البوق (hydrosalpinx) : وهو شكل من أشكال إصابة البوق، حيث يحدث انسداد في القسم البعيد لقناة فالوب وتتراكم السوائل فيه، وقد يتسرب السائل مرة أخرى إلى تجويف الرحم. وهذه الحالة يفضل التداخل فيها بإغلاق أو إزالة البوق حتى لا يحدث التسريب.
• ولتسهيل دراسة هذه الانسدادات قُسّمت حسب موقعها إلى:
← الانسداد القريب: حيث يكون الانسداد الحاصل أقرب إلى الرحم، وهو يمثّل 10 إلى 25 % من أمراض البوق، وبفضل من الله هو حالة سهلة العلاج.
← انسداد القسم الأوسط من البوق: ويحدث عادةً نتيجة تأذٍ في هذا القسم أو حصول تندّبات، وفي أغلب الأحيان نجد هذا النوع عند ربط البوق (التعقيم الدائم، وهو تداخل يهدف لمنع الحمل) أو عكس هذا الربط.
← الانسداد القاصي (بعيدًا عن الرحم).
• وطبعًا قد يكون الانسداد تامًا، أو جزئي أي تضيّق.
• كما وأنّه من الأسباب تأذي الخمل البوقي (وهي زغابات صغيرة في البوق تقوم بتحريك البويضة) ما يمنع انتقال البويضة من المبيض إلى البوق.
3) التشخيص:
لا يدرك الزوجان أن عدم حدوث الحمل سببه يعود للبوقين، فذلك يحتاج لاستشارة واستقصاءات طبيّة.
الاختباران المستخدمان لتشخيص العقم البوقيّ هما الآتيين:
• تصوير الرحم والبوقين الظليل (HSG):
معرفة شكل، ومدى نفاذية البوق.
• تنظير البطن (laproscopy):
وهنا يُدخل منظار البطن المزود بكاميرا فيديو بشق أسفل السّرة، لعرض أعضاء الحوض ومنها قناتي فالوب. يمكن أن يحدد منظار البطن ما إذا كان البوقين مسدودين أم لا، أو إذا كانت هناك مشكلات أخرى، مثل: التصاقات النسيجية المتندبة.
4) التدبير والعلاج:
يتضمّن بعض الإجراءات منها الجراحيّة ومنها غير الجراحيّة. وفي نهاية المطاف إن لم تنجح تلك المحاولات قد نلجأ لتقنيات الإخصاب المساعد.
• إقناء البوق Tubal cannulation: إي إدخال قنيّة فيه، حيث يتمّ إدخال قثطرة موجهة بسلك وملصقة ببالون لفتح البوق. ويتم هذا الإجراء في العيادة. ولكن يجب أن يكون الانسداد في القسم القريب في أحد البوقين أو كليهما.
• رأب الخمل البوقي Fimbrioplasty: ويتم بالتنظير، حيث يتم إعادة بناء هذه الأخمال وخياطتها. يستطب في الحالات التي يكون فيها الانسداد في القسم البعيد وبحدّه الأدنى.
• فغر البوق Salpingostomy: عبارة عن إجراء جراحي يتم من خلال فتحة في قناة فالوب وغالبًا تهدف لإزالة حمل خارج الرحم.
أما الخيار العلاجي الآخر فيعتمد على الإخصاب المساعد. ومع ارتفاع معدلات النجاح أصبحت تقنيات الإخصاب المساعد أساسيّةً في تدبير العقم البوقيّ. وتعتبر النتائج جيّدة وواعدة طالما كانت المرأة دون 39 عامًا.
وقد تحدثنا عنهما في مقالين سابقين
ويجب الموازنة بين مزايا وعيوب كلّ من الجراحات المجراة للبوق وبين تقنيات الإخصاب المساعد كخيارين علاجيين. إضافة لمراعاة ما يلي عند الاختيار:
• عمر المريضة.
• المخزون المبيضي (عدد البويضات).
• نتائج الإخصاب السابقة.
• عدد الأجنّة المرغوب.
• موقع ومدى التلف الأنبوبي.
• وجود عوامل عقم أخرى.
ختاما يجب العلم أن التداخلات الجراحيّة على البوقين تحمل خطر حدوث الالتصاقات أو تكرار انسداد البوقين، وحدوث الحمل المنتبذ، والإنتان الحوضي. وفرصة احتمال الحمل الطبيعي بعد الجراحة تكبر عندما تكون المريضة بعمر أصغر، وبكون التندّب الحاصل بحدّه الأدنى.
رزقكم الله الذرية الصالحة التي تكون عونًا في نهضة الأمة ورفع راية الإسلام، وصرف عنكم سائر الأسقام والأدواء.
إعداد: د. آلاء جميلة
مراجعة: د. بلقيس عبد الرحمن
تدقيق لغوي: كاهية أحلام
المصادر: