التحويلة القلبية الرئوية
التحويلة القلبية الرئوية Cardiopulmonary Bypass
عندما نقوم بإيقاف القلب مؤقتًا!
عندما تسمعُ أن شخصًا سيخضع لعملٍ جراحيٍ على القلب، لا بد أن تتساءل: كيف يستطيع جراحو القلب أن ينفذوا العمل الجراحي على قلب نابض؟ ألا يزعجهم تحركه ونبضانه؟ ستتفاجأ عندما تعرف أنهم يوقفونه قبل العمل عليه نعم، كما قرأتها، يوقفون القلب! لا تقلق، لن يموت المريض؛ فالجرّاحون يؤمّنون له قلبًا ورئة صناعيين بديلين! وهذا ما يُطلَق عليه: التحويلة القلبية الرئوية، أو جهاز القلب-رئة الاصطناعي.
التحويلة القلبية الرئوية (CPB) :هي جهاز يستخدمه أطباء الجراحة القلبية لإيقاف تحرك العضلة القلبية أثناء العمل الجراحي، فهي تؤمن قلبًا ساكنًا خاليًا من الدم، مع ضمان بقاء الدوران في جسم المريض، وبالتالي فهو يتولّى مهمّتيّ القلب في استقبال وضخ الدم، والرئة في تهويته وأكسجته. وقبل أن نفهم آلية عمل الجهاز، لا بدّ أن نفهم بإيجاز الدورة الدموية الطبيعية في القلب.
يتألف القلب من قسمين منفصلين تمامًا: كل منهما يعمل كمضخة منفصلة. هذان القسمان هما= القسم الأيمن والقسم الأيسر للقلب. يتألف كلّ قسمٍ من أُذَيـْنة (تتلقى الدم) وبُطين (يضخ الدم)، تتلقى الأذينة اليمنى عبر الوريدين الأجوفين العلوي والسفلي الدم ناقص الأكسجة من الجسم، فترسله إلى البطين الأيمن، ويقذف البطين الأيمن هذا الدم إلى الرئتين، اللتان تنقيان الدم من غاز ثنائي أوكسيد الكربون وتحوِلان الدمّ إلى دمٍ مؤكسج. تتلقى الأذينة اليسرى هذا الدم فترسله إلى البطين الأيسر، ليقوم الأخير بقذفه إلى كافة أنحاء الجسم عبر الشريان الأبهر.
كيف_تُدخَل هذه التحويلة؟
- بعد أن يشق الجراح طريقه إلى القلب عن طريق جدار الصدر، يقوم بإدخال ما يدعى بالقنيّة الوريدية في الأذينة اليمنى: لهذه القنيات أنواع عديدة، النوع الأشيع من هذه القنيات له فرعان، في نهاية كل فرع ثقوب كثيرة.
- بعد إدخال هذه القنية بفرعيها في الأذينة اليمنى عبر جدارها الخارجي، يقوم الجراح بتوجيه كل فرع ليدخل في أحد الأجوفين.
- ثم يربط سنارًا حول كل أجوف، فيثبته على القنية بداخله، مجبرًا الدم أن يعبر إلى داخل القنية، وهكذا يضمن الجراح أن كامل دم الجسم أصبح يدخل إلى الجهاز لا إلى القلب!
- يقوم الجراح بعدها بإدخال قنية أبهرية، والتي كما يوضح اسمها تُدخل في الأبهر، ليعود الدم من الجهاز إلى كافة أنحاء الجسم.
علىماذابرأيك يجب أن يحتوي جهاز يوقف عمل القلب والرئة مؤقتًا؟!
أهم النقاط:
- خط وريدي: يصل القنية الوريدية بالخزان الوريدي.
- خزانٌ وريديٌّ: يجمع الدم الوريدي قبل توزيعه على عناصر الجهاز.
- مضخّة (أكيد، لتضخ بدل القلب): تدفع الدم إلى المؤكسج.
- مؤكسِج: يعمل عملَ أنسجة الرئة، إذ يقوم بتهوية الدم وأكسجته (يعطيه الأوكسجين ويخلصه من ثاني أوكسيد الكربون).
- مصفاة شريانية: تقوم بتنقية الدم من الشوائب التي قد تأتي من الدم النازف في ساحة العمل الجراحي بعد شفطه بالماصات، وذلك للاستفادة من النزف الناتج عن العمل الجراحي وتقليل الحاجة لنقل الدم بعد الجراحة.
- قنيّة أبهرية: تعيد الدم إلى الأبهر بضغطٍ دمويّ يقارب الضغط الشرياني الطبيعي وعبره إلى باقي أنحاء الجسم.
وقد يلحق به:
1. مشبك: قابل للتعديل على الخط الوريدي للتحكم بجريان الدم فيه.
2. مداخل للأدوية وتسريب السوائل وأخذ العينات الدموية.
3. نظام إيصال المواد الشالّة للعضلة القلبية بمضخة منفصلة.
4. مصدر للأوكسجين والهواء وثاني أوكسيد الكربون والغازات التخديرية.
5. مبادلات حراريّة وأجهزة لمراقبة غازات الدم الشريانية.
كخلاصة: بدلًا من أن يُدخَل الدم إلى القلب، يُجبَر على الدخول إلى الجهاز، ليعمل عمل القلب والرئة؛ حيث يجمع الدم فيصفيه وينقيه من الشوائب، ويضبط حرارته، ويقوم بأكسجته وتهويته، ثم يضخه إلى الجسم كما كان القلب يفعل. وهكذا يمكن إجراء العمليات الجراحية القلبية وخاصة عمليات المجازات الإكليلية، واستبدال الصمامات القلبية بعد التغلب على مشكلة حركة القلب المستمرة وضمان بديلٍ يتولى مهمته خلال العمل الجراحي الذي قد يستمر لساعات طويلةٍ.
“علَّمَ الإنسانَ ما لم يعلم.” [العلق:5]، صدق الله العظيم.
المصدر:
J. Chikwe, D. Cooke, and A. Weiss, Cardiothoracic Surgery, second edition, C&C Offset Printing Co. Ltd, p.p. 100-105