لأن #الهيدروجين هو العنصر الذي يشكل 75% من كل كتلة في الكون، وأكثر من 90% من جميع الذرات، علينا أن نكون على دراية تامة بهذا العنصر الهام.

ولكن أبسط #العناصر وأكثرها توفرا في الكون توجد منه بعض الأشكال التي لمّا نكتشفها، وذلك أن علماء الفيزياء قد وجدوا شكلا لم يسبق له مثيل من الهيدروجين، وهو (مجموعات الهيدروجين سالبة الشحنة).
ولفهم ما هي مجموعات الهيدروجين المشحونة سلبا، أولا علينا التفكير والنظر في نظائر الهيدروجين الأكثر شيوعا (مجموعات الهيدروجين موجبة الشحنة).

مجموعات الهيدروجين المشحونة إيجابيا تشبه إلى حد كبير مجموعات من شحنات موجبة، من عدد قليل أو كثير من #جزيئات الهيدروجين، حول بعضها بعضا. وتعرف ببساطة باسم (مجموعات أيون الهيدروجين)، وهي تتشكل في درجات حرارة منخفضة جدا، ويمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 100 ذرة فردية.

وعلى الرغم من اكتشاف الفيزيائيين لمجموعات أيون الهيدروجين الموجبة منذ حوالي 40 عاما، ومن اتضاح وجود نظير سلبي لهذه التكتلات التي تضم أعدادا كبيرة من الذرات -نظريا- لم يتمكن أحد من معرفة كيفية إنشاء واحد من هذه التجمعات السلبية.

ولكن هذا لم يمنع فريق الفيزيائيين بقيادة (مايكل رنزلر) من جامعة إنسبروك في النمسا من إطلاق شرارة المحاولة..
أولا، حقنوا قطرات الهليوم السائل البارد بجزيئات الهيدروجين (H2)، وتسبب هذا الخليط بتشكيل مجموعات متعادلة الشحنات.

بعد ذلك، عرّضوا قطرات الـ(H2) إلى شعاع إلكتروني، وهذا سبب تأيّن بعض جزيئات الهيدروجين، وطوافها في الفراغ المحيط به، كما لو كانت أيونات هيدروجين مشحونة سلبا.
وسريعا، بدأت جزيئات الهيدروجين القريبة تتجمع حول الأيونات السالبة الشحنة، ووجد الباحثون أن هذه المجموعات التي تشكلت حديثا يمكن أن تجذب القليل من #الجزيئات، أو الكثير منها لكل أيون سالب.

وكما هو الحال في كثير من الأحيان مع الهياكل التي يصعب الحصول عليها لفترة زمنية طويلة في فيزياء الجسيمات، وُجِدت هذه المجموعات من الهيدروجين المشحونة سلبا للحظة عابرة فقط، بشكل لا يصدق (عدة ميكروثانية) -كل 1 ميكروثانية = 0.000001 ثانية- ولكن هذا كان وقتا كافيا للفريق لتحديد هياكل هندسية لهذا التجمع.

كما يقول (مايكل شربر) للجمعية الفيزيائية الأمريكية: ”
وجد الباحثون أن المجموعات لديها أعداد ذرة غريبة، تتراوح بين N = 5 إلى N = 129″

وكانت المجموعات الأكثر استقرارا تحتوي على نواة مركزية ذات شحنة سالبة، بدا عليها أنها محاطة بأغلفة ما، تم ملؤها بالكامل بواسطة جزيئات الهيدروجين.
يقول شربر:
“إن القيم الغريبة تعني ضمنيا أن المجموعات كانت عبارة عن مزيج من جزيئات H2 متعددة ونواة هيدروجنية واحدة، تُجمع معا من خلال جذب ثنائي الأقطاب المُستحِثّ”.
وكانت المجموعات الأكثر شيوعا حملت الأرقام الذرية N = 25، N = 65، و N = 89. هذه “الأرقام السحرية” -كما يسميها الفريق العلمي- كانت تتوافق مع الترتيبات المتناظرة للهيدروجين.

لماذا كان هذا #الإكتشاف العلمي مهماً؟

يشتبه الباحثون منذ زمن طويل أن هذه المجموعات الهيدروجينية الكبيرة يمكن أن تشكل الغاز تشكيلا طبيعيا في الفضاء الخارجي، إما في الغيوم الباردة الكثيفة، أو في الغلاف الجوي للكواكب.
أما الآن وبعد أن علمنا أن مجموعات الهيدروجين المشحونة سلبا ليست مستحيلة، وعلمنا كيف يكون شكلها الأكثر شيوعا و استقراراً ، فقد صار من الأسهل تحديدها في الطبيعة.
وفي الوقت الذي يتساءل فيه الباحثون عن ماهية المادة المظلمة وخصائصها – وهي الأشياء التي تشكل -افتراضيا- 27% من الكون الملاحظ، حتى وإن كان موجودا – فإننا بحاجة إلى كل معلومة يمكننا الحصول عليها عندما يتعلق الأمر بفك رموز أصغر مكونات الفضاء المحيط بنا.

المصدر: هنا

رابط المنشور على صفحتنا