سلسلة النفط: نظرةٌ عن قرب – الجزء الأول : نظرة تاريخية
في هذه السلسة سنبحث في #موضوعٍ قلما نجد من يتكلم عنه في الأوساط العامة، وسنملك من المعلومات مايكفي لنعرف عن تاريخه وتفاصيل اختصاصاته لنحكم على فائدته وطريقة استغلاله لصالح جنسنا البشري.
منذ قرنٍ ونيفٍ تقريباً أصبح عالمنا #البشري يعتمد اعتمادًا رئيسيًا وكليًا على النفط، وفي عالم اليوم أصبح الإنسان يستخدمه من أجل الحصول ليس فقط على الطاقة بل على آلاف المركبات والمواد الكيميائية الأخرى التي لا غنى عنها، والتي تقوم عليها أسس الحضارة المعاصرة.
ولقد عَرَف #العرب النفط منذ القديم فهذا هو الشاعر النابغة الذبياني يقول:
فلا تتركني بالوعيد كأنني إلى الناس مطليّ به القار أجرب
إلا أن يوم السابع والعشرين من آب 1859م، هو يوم ميلاد الصناعة النفطية حيث استطاع الأمريكي إدوين دريك أن يحصل على #النفط مباشرةً عن طريق الحفر، وذلك بالقرب من مدينة تيتوسفيل-بنسلفانيا، وكان ذلك بداية عهدٍ زاهرٍ لا يزال في أوجه حتى يومنا هذا.
#تاريخ_النفط:
أما بالعودة إلى تاريخ النفط، فمن خلال البحث التاريخيّ نجد أنه قد تم حفر أول بئرٍ للنفط في #الصين في القرن الرابع الميلادي أو قبل ذلك، وكان يتم إحراق النفط لتبخير الماء المالح لإنتاج الملح.
وهناك بعض الأبحاث التاريخية التي تقول بأن الإنسان منذ قديم الزمان قد استخدم #القار (وهو النفط المتسرب إلى سطح الأرض بفعل حركة طبقات الأرض دون تدخل الإنسان) في لصق حجر الصوان برؤوس السهام المستخدمة في الصيد.
وحتى الفراعنة القدماء استخدموا هذا الشكل من النفط (القار)، وأدخلوه في تركيب المواد المستخدمة في التحنيط، وكانوا يحصلون عليه من مناطق البحر الميت حيث كان يُعثر عليه طافياً على سطح #الماء.
وفي القرن الثامن الميلادي٬ كانت ترصف الطرق الجديدة في #بغداد باستخدام القار٬ والذي كان يُحضر من ترشحات النفط في هذه المنطقة.
وفي القرن التاسع الميلادي٬ بدأت حقول النفط في باكو- أذربيجان بإنتاج النفط بطريقةٍ اقتصاديةٍ لأول مرةٍ، وتمّ حفر هذه الحقول للحصول على النفط.
وهذا الوصف تمّ بمعرفة الجغرافي #المسعودي في القرن العاشر الميلادي٬ وأيضًا ماركو بولو في القرن الثالث عشر الميلادي٬ الذي وصف النفط الخارج من هذه الآبار بقوله: إنها مثل حمولة مئات السفن.
ويبدو أن هذه الأبحاث من الجغرافيين العرب -كالمسعودي- قد وضعت بعض الأسس للكيميائيين من أجل العمل في هذا الإطار، كما أن #مكتبة الكونغرس الأمريكية تضمُ مخطوطةٌ تعود للقرن الثامن عشر (بين 1700م – 1799م) تتكلم عن النفط وصناعته، إضافةً إلى تضمنها مواضيع حول معالجة أنواعٍ مختلفةٍ من الدهون والصموغ؛ وتبدأ المخطوطة (الموجودة في الصورة) بجدولٍ في صفحتين يعرض المواد المختلفة التي يتم تناولها في العمل، وهي 11 نوعاً من أنواع النفط وأربعة أنواعٍ من القطران و30 نوعاً من الزيوت وثلاثة أنواعٍ من الصمغ وعددٌ من المواد الأخرى المستخلصة من الزيت.
ومن أكثر خصائص هذه المخطوطة إثارةً للانتباه هي أن بعض المصطلحات والأساليب التي كانت سائدةً في الكتابات الخيميائية (الكيميائية) في العصور الوسطى وبواكير العصر الحديث لا تزال تجد لها مكانًا في العصر #الحديث، وقد طُبِّقت هنا على أساليب حديثةٍ متنوعةٍ، تعُد الفصول كتلك التي تتناول الكبريت والزرنيخ أمثلةً جيدةً على هذا: فقد تطَرَقَت هذه الفصول لعملياتٍ كالتقطير والتكرير وأجهزةٍ كالإمبيق (الإمبيق هو جهازٌ يُستخدم في الكيمياء لتقطير السوائل، اخترعه جابر بن حيان، التشبيه الحديث له “وعاء المقطرة”) وهي عادةً ما توجد في الأعمال الخيميائية #العربية الأقدم، لكن المصطلحات تستخدم هنا في سياقٍ يتناول الصناعات الكيميائية الحديثة.
في الجزء القادم نتحدث عن ماهية النفط واستخداماته، تابعونا..