درء تعارض العقل والنقل والتسليم للنص الشرعي.
انتبهوا يا كرام ويا إخواني المسلمين لهذا الكلام جيدا :-
أريد أن انبهكم لشئ مهم يا أفاضل لتعرفوه وتعلموه وتتيقنوا منه وهو أنك لا ترى مسألة واحدة (دينية أو علمية كنظرية وغيرها) عورض بها الرسول إلا وقد ردها أنصاره وحزبه وبينوا فسادها وسخافة عقل أربابها المعارضين بها في كل نوع من أنواع العلم ( بلا خلاف) وقد أجرى الله سنته وعادته أن يكشف عن عورة المعارض ويفضحه ويخذله في عقله حتى يقول ما يضحك منه الإنسان كما خذل المعارض بكلامه حتى أضحك عليه الناس فيما عارضه به وهذا من إتمام أدلة النبوة وبراهين صحة الوحي أن تجد المعارض له يأتي بما يضحك منه العقلاء فلعل قائلا يقول ما جاءت به الرسل قد يكون له معارض صحيح فإذا وقف على المعارض وسخفه وتحقق بطلانه زاده قوة في إيمانه ويقينه وصار ذلك بمثابة رجل ادعى أن معه طيبا ليس مع أحد مثله ولا مثل ريحه فعارضه آخر بأن معه مثله أو أفضل منه فلما أخرجه إذ هو أنتن شيء وأخبثه ريحا ولكن هناك عقول جعلية نشأت في النتن والحشوش فلا تألف غير ما نشأت فيه.
وأما خبر العقل عن الله بما يضاد ذلك بأن الله وضع فيه ذلك وعلمه إياه فلم يشهد له الرسول بصحة هذا الخبر بل شهد ببطلانه فليس معه إلا شهادته لنفسه بأنه صادق فيما أخبر به فكيف يقبل شهادته لنفسه مع عدم شهادة الرسول له ؟! فكيف مع تكذيبه إياه ؟!فكيف مع تكذيب العقل الصريح المؤيد بنور الوحي له ؟!! فكيف مع تهاتر أصحابه وتكاذبهم وتناقضهم يزيده إيضاحا.؟!!!
والقياس إذا صادم النص وقابله كان قياسا باطلا ويسمى قياسا إبليسيا فإنه يتضمن معارضة الحق بالباطل وتقديمه عليه ولهذا كانت عقوبته أن أفسد عليه عقله ودنياه وآخرته وقد بينا فيما تقدم أنه ما عارض أحد الوحي بعقله إلا أفسد الله عليه عقله حتى يقول ما يضحك منه العقلاء.
وأعلموا أن أي علم أو نظرية جاءت بما تخالف القرآن والسنة الصحيحة تجد صاحبها يأتي بما يضحك منه العقلاء وإذا جادل عنه المجادل، ورام أن يقيم عوده المائل، أقام الله تبارك وتعالى من يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وتبين أن صاحبه الأحمق كاذب مائق، وظهر فيه من القبح والفساد ، والتناقض والإلحاد ، والكفر ، والضلال ، والجهل والمحال ، ما يظهر به لعموم الرجال أن أهله من أضل الضلال، حتى يظهر فيه من الفساد ما لم يكن يعرفه أكثر العباد، ويتنبه بذلك من سنة الرقاد من كان لا يميز الغي من الرشاد، ويحيا بالعلم والإيمان من كان ميت القلب لا يعرف معروف الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ولا ينكر منكر المغضوب عليهم والضالين .
…وأنه سبحانه أخبر أن كل حكم خالف حكمه الذي أنزله على رسوله فهو من أحكام الهوى لا من أحكام العقل وهو من أحكام الجاهلية لا من حكم العلم والهدى فقال تعالى: {وَأَنِ ٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن یَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُصِیبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَـٰسِقُونَ۞أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ یَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمࣰا لِّقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ۞} [المائدة50 , 49] فأخبر سبحانه وتعالى أنه ليس وراء ما أنزله إلا اتباع الهوى الذي يضل عن سبيله وليس وراء حكمه إلا حكم الجاهلية وكل هذه الآراء والمعقولات المخالفة لما جاء به الرسول هي من قضايا الهوى وأحكام الجاهلية وإن سماها أربابها بالقواطع العقلية والبراهين اليقينية كتسمية المشركين أوثانهم وأصنامهم آلهة وتسمية المنافقين السعي في الأرض بالفساد وصد القلوب عن الإيمان إصلاحا وإحسانا وتوفيقا .
..وقال تعالى: ﴿فَإِن لَّمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یَتَّبِعُونَ أَهۡوَاۤءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَیۡرِ هُدࣰى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [القصص ٥٠].
..وقال {وَلَئنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِی جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرٍ} [البقرة120]
…وقال {وَلَئنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذࣰا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ} [البقرة145]
….وقال { فَلِذَلِكَ فَٱدۡعُۖ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَاۤ أُمِرۡتَۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡۖ} [الشورى ١٥]
..وقال {وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِأیَتِنَا وَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بالأخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمۡ یَعۡدِلُونَ} [الأنعام ١٥٠]
المصادر :-
تم نقله بتصرف …. من :-
١. [الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية، ٨٥/١] ٢. [الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة لابن القيم، ٩٠٦/٣].