مقاربة جديدة يمكنها أن تزيد سعة الطاقة في بطاريات الليثيوم
مما لا شك فيه أننا نستعمل البطاريات أكثر كلما تقدمت التكنولوجيا، ففي السابق كنا نستخدم البطاريات الجافة في الآلات الحاسبة والألعاب وغيرها من الاستخدامات البسيطة، أما مع التقدم التكنولوجي فقد زاد احتياجنا لبطاريات يُعاد شحنها مرة تلو الأخرى كما في الهواتف والسيارات الكهربائية وغيرها، وذلك لاستمرار عمل الجهاز في حال نفاد بطاريته إن كانت جافة.
في الآونة الأخيرة ركزت البحوثات المتعلقة بالطاقة على رفع كفاءة البطاريات والمحولات وغيرها من الأجهزة، وأهمها بطارية (أيون-ليثيوم) لما لها من مزايا عديدة، فهي خفيفة الوزن وذات كفاءة عالية. ويعتبر الليثيوم عنصرًا نشطًا؛ بمعنى أن ذرات الليثيوم تخزن الطاقة في الروابط بينها وهذا ما يجعلها ذات كثافةِ طاقةٍ كهربائيةٍ كبيرة.
تتكون أي بطارية من الغلاف الخارجي الذي يحافظ على بقاء الضغط الداخلي أكبر من الضغط الجوي، كما تحتوي على القطب الموجب والسالب، وعلى العازل الذي يتكون من محلول يقوم بعزل الإلكترود الموجب عن السالب، ولكنه يسمح بمرور الأيونات من خلاله، وعندما يتم شحن البطارية فإن أيونات الليثيوم تتحرك عبر المحلول من القطب الموجب إلى السالب وتلتصق به.
الآن، يقول الباحثون في معهد MIT وفي الصين أنهم حققوا تقدمًا كبيرًا في هذا المجال؛ بإصدارٍ جديدٍ من مكون رئيسي لبطاريات الليثيوم: (الكاثود).
ويصفه الفريق بأنه كاثود “هجين”، لأنه يجمع بين جوانب نهجين مختلفين استُخدِما من قبل، أحدهما لزيادة إنتاج الطاقة لكل رطل (كثافة الطاقة الجرافية)، والآخر للطاقة لكل لتر (كثافة الطاقة الحجمية). ويقولون إن الجمع التآزريّ ينتج نسخةً توفر فوائد لكليهما، وأكثرَ من ذلك.
ويرد وصف هذا العمل في مجلة (Nature energy)، في ورقة أجراها (جو لي) -أستاذ العلوم والهندسة النووية في مجال تكنولوجيا المعلومات، وعلوم وهندسة المواد- ومعه (يجيانغ شيويه) -وهو برتبة ما بعد الدكتوراه في وزارة تكنولوجيا المعلومات- و13 آخرين.
عادة ما يتم صنع الكاثود لهذه البطاريات بإحدى طريقتين، تعرف بأنواع الانتقال أو أنواع التحويل.
توفر أنواع الانتقال، التي تستخدم مركبات مثل أكسيد الكوبالت الليثيوم، كثافةَ طاقة كبيرة الحجم، تحمل الكمية الكبيرة لكل وحدة بسبب كثافاتها العالية.
يمكن لهذا الكاثود الحفاظ على بنيته وأبعاده مع دمج ذرات الليثيوم في هيكله البلوري.
يستخدم نهج الكاثود الآخر -الذي يسمى نوع التحويل- الكبريتَ الذي يتم تحويلُه هيكليًا وحتى إذابته مؤقتًا في المحلول الكهربائي.
يقول (لي): “من الناحية النظرية، لدى هذه البطاريات كثافة طاقة جاذبية جيدة جدا، ولكن الكثافة الحجمية منخفضة”، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تميل إلى طلب الكثير من المواد الإضافية، بما في ذلك فائض المحلول والكربون المستخدمة لتوفير الموصلية.
تمكن الباحثون في نظامهم الهجين الجديد من الجمع بين النهجين في كاثود جديد يتضمن الكبريتَ النقي ونوعًا من كبريتيد الموليبدينوم يسمى مرحلة شيفرل، استخدموا جزيئات من كلتا المادتين وضغطوها لجعل الكاثود صلبًا.
ويقول (لي) أنه من بين المزايا الأخرى، فإن التوصيل الكهربائي للمواد المجمعة مرتفع نسبيا، ما يقلل الحاجة إلى الكربون ويخفض الحجم الإجمالي. وتتكون كاثودات الكبريت النموذجية من 20 إلى 30 في المئة من الكربون ولكن النسخة الجديدة تحتاج إلى 10% فقط من الكربون.
يمكن أن تُكوِّن بطاريات الليثيو-أيون التجارية كثافات الطاقة بحوالي 250 واط في الساعة لكل كيلوغرام و700 واط في الساعة للتر الواحد، في حين أن بطاريات الليثيوم-الكبريت أعلى في حوالي 400 واط/ساعة للكيلوغرام الواحد، ولكن فقط 400 واط/ساعة لكل لتر.
أما في الإصدار الجديد -في نسخته الأولية التي لم تمر بعد في عملية التحسين- يمكن أن تصل إلى أكثر من 360 واط/ساعة لكل كيلوغرام و581 واط/ساعة لكل لتر.
يقول (لي) أنها يمكن أن تتفوق على كل من بطاريات الليثيوم-أيون والليثيوم-الكبريت من حيث الجمع بين كثافات الطاقة.
كما يقول: “مع مزيد من العمل، نعتقد أننا يمكن أن نحصل على 400 واط/ساعة لكل كيلوغرام و700 واط/ساعة لكل لتر”، وهذا الرقم الأخير يساوي ذاك الرقم في الليثيوم أيون.
وقد قطع الفريق خطوة أبعد مع العديد من التجارب المخبرية الرامية إلى تطوير نموذج أولي للبطارية على نطاق واسع، فبدلاً من اختبار خلايا صغيرة بقدرات لا تتجاوز عدة مللي أمبير-ساعة، فقد أنتجوا خلية كيسية من ثلاث طبقات (وحدة فرعية قياسية في البطاريات لمنتجات مثل المركبات الكهربائية).
حتى الآن، لا يمكن للخلية الجديدة أن ترقى إلى طول عمر بطاريات أيون-الليثيوم من حيث عدد دورات الشحن والتفريغ التي يمكن أن تمر بها قبل أن تفقد الكثير من الطاقة لتصبح مفيدة، ولكن هذا القيد “ليس مشكلة الكاثود”، يتعلق الأمر بتصميم الخلية أو البطارية بشكل عام، و”نحن نعمل على ذلك”.
ويقول (لي) أيضًا: “حتى في شكله الحالي المبكر قد يكون مفيدًا لبعض التطبيقات المتخصصة، مثل طائرة بدون طيار ذات مدى طويل، حيث الوزن والحجم يهمان أكثر من طول العمر … وأعتقد أن هذه ساحة جديدة للبحوث”.
وقد دعم هذا العمل معهدُ سامسونج المتقدم للتكنولوجيا، والبرنامج الوطني للبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الرئيسية في الصين، والمؤسسة الوطنية للعلوم في الصين، وقسم علوم وهندسة المواد في معهد تكنولوجيا المعلومات.
إعداد: أيمن خضر.
مراجعة علمية: أنس تلو.
تدقيق لغوي: فاطمة العزيزي.
المصدر: https://news.mit.edu/2019/hybrid-cathode-lithium-batteries-0325