منكوشات تطورية – الفيروسات العكسية داخلية المنشأ – ERVs الجزء الأول
#منكوشات_تطورية – الفيروسات العكسية داخلية المنشأ – ERVs
الجزء الأول
إحدى الحجج الشهيرة لأنصار التطور هي وجود ما يسمى بالفيروسات العكسية داخلية المنشأ – Endogenous Retroviruses ويعتبرها التطوريين إحدى أقوى الحجج الجزيئية على تطور الرئيسيات من سلف مشترك! فما صحة هذا الافتراض، وهل يختلف حقاً عن بقية أدلة التطور الظرفية التي تقوم في العادة على الاحتجاج بالجهل والاستدلال الدائري؟!
فلنوضح أولاً بعض المفاهيم
أولاً لابد أن نعلم أن الحجة التي يقدمها التطوريون تختص بما يسمونه “الفيروسات العكسية داخلية المنشأ” وليس كل الفيروسات العكسية. فالفيروسات العكسية هي نوع عادي من أنواع الفيروسات، وسميت بالعكسية لأنها تسير في عكس اتجاه العملية التحولية الطبيعية لتخليق البروتين من DNA إلى RNA ثم إلى بروتين، حيث تقوم هي بتحويل RNA إلى DNA عن طريق إنزيم النسخ العكسي reverse transcriptase ومن أشهر الفيروسات العكسية فيروس HIV المسبب لمرض الإيدز.
طيب ما هي إذا الفيروسات العكسية داخلية المنشأ – ERVs؟
هي أجزاء من الجينوم وجدت في جينوم الرئيسيات كالبشر والقردة العليا يشبه تسلسلها الفيروسات العكسية، تم افتراض أن هذه الأجزاء هي فيروسات عكسية أصابت الرئيسيات وبقيت في الجينوم كخردة ثم انتقلت إلي البشر عبر المسيرة التطورية!
ولذلك، فالحجة باختصار يمكن تلخيصها في نقطتين:
1- يفترض التطوريون أن بعض أنواع الفيروسات العكسية كانت قد أدخلت المعلومات الجينية الخاصة بها إلى الجينوم الخاص بالأسلاف المشتركة المفترضة للرئيسيات ومن ثم تم توريثها لنا عبر الرحلة التطورية. وبالتالي، فمن المفترض أن تبقى أماكن تلك الإصابات واحدة في جينوم الرئيسيات عبر الرحلة التطورية لأنها ببساطة مجرد خردة لا فائدة منها وبالتالي لن يتغير مكانها
2- من المفترض أن المواقع التي تصيبها فيروسات النسخ العكسي هذه هي مواقع عشوائية بحتة وبالتالي تفتقر تلك العناصر المتسلسلة إلى وظيفة أو غرض من تواجدها في أماكنها
مناقشة الحجج:
1- مع أن التطوريين يفترضون أن الانتخاب الطبيعي لابد أن يتخلص من الأشياء غير المفيدة أو التي لا تعطي صلاحية للكائن، إلا أنهم لا يرون أي مشكلة في بقاء تلك الأجزاء غير المفيدة والتي من المفترض أن بقاءها يعقد حياة الكائن حاملها ويستهلك المزيد من الطاقة والعمليات لملايين السنين!
فهل بقيت هذه “الخردة” المفترضة في أماكنها فعلاً أم أنها مختلفة ودخلت الجينوم المختلف للكائنات من الفضاء؟!
في الدراسة المنشورة عام 2001، وجد الباحثون أحد هذه التسلسلات، HERV-K موجودا في الشمبانزي والغوريلا والبونوبو وغير موجود في الإنسان، وبالتالي فتواجده لا يتفق مع السيناريو التطوري والشجرة المفترضة لتطور الإنسان، فأصلاً الغوريلا والبونوبو ليسا في الشجرة التطورية المفترضة، وغياب هذا التسلسل في الإنسان يناقض مسألة الخردة التي يتم توارثها!
A HERV-K provirus in chimpanzees, bonobos and gorillas, but not humans
الرابط :https://www.cell.com/current-biology/abstract/S0960-9822(01)00227-5
وأيضا في دراسة أخرى على الدورية الشهيرة PLoS قام فريق الباحثين بعمل مسح للخريطة الوراثية لجينوم الشمبانزي بحثاً عن ERVs، ووجدوا واحداً يدعى (PTERV1) موجود في الشمبانزي وقرود العالم القديم، وليس له نظير موجود في البشر
Chimp genome reveals a retroviral invasion in primate evolution
الرابط :
https://www.sciencedaily.com/releas…/2005/…/050328174826.htm
ليس ذلك فقط، بل رصدت الدراسة اختلافا كبيرا وعدم تماثل في مواضع توزيع تلك التسلسلات، تقول الدراسة بوضوح:
“لقد وجدنا أن توزيع هذه التسلسلات بين الأنواع لا يتفق مع النظرة السائدة حول التشابه بين الرئيسيات، وبالأخص فيما يخص الإنسان والقردة العليا. على سبيل المثال، وجدناً موضعاً واحداً مشتركاً بين الغوريلا والشمبانزي، وموضعين مشتركين بين الغوريلا والبابون، وثلاثة مواضع مشتركة بين الماكاو والشمبانزي، ووجدنا تسلسل PTERV1 غائب تماماً في الإنسان والأورانجتان.
لو كانت هذه المواقع حقاً نتيجة تطور من سلف مشترك بين الإنسان والقردة العليا، فإن هذا يعني أن هناك ستة مواقع ارتباط على الأقل في جينوم الإنسان قد تم (مسحها) بالكامل، وبالتالي، يفترض أن هذه المواقع قد تم مسحها أيضاً بالكامل من جينوم الأورانجوتان (وهو غير موجود أصلاً في الشجرة التطورية المفترضة للإنسان) هذه السلسلة من الأحداث تبدو غير مرجحة على الإطلاق!!!”
وفي دراسة ثانية وجد الباحثون أن بعض التسلسلات الأخرى الشبيهة والمسماة Alu retroelements لها أماكن محددة للغاية على الجينوم وأماكن محددة للارتباط والنسخ
Large-scale discovery of insertion hotspots and preferential integration sites of human transposed elements
الرابط :
https://academic.oup.com/nar/article/38/5/1515/3112509
وفي دراسة ثالثة للتطوري الشهير مايكل لينش يقول: “لقد وجدنا حالات عدة لإنترونات (الأماكن غير المكودة على الـ RNA وتشبه نفس فكرة تسلسلات الـ ERVs) في نفس الأماكن في جينومات لكائنات غير مرتبطة. يوفر هذا جدلاً قوياً ضد الافتراض السائد أنه كلما وجدت هذه التسلسلات في كائنين في نفس الأماكن فهما ينحدران من سلف مشترك”
Introns — nonsense DNA — may be more important to evolution of genomes than thought
الرابط :
https://www.sciencedaily.com/releas…/2009/…/091210111148.htm
نكتفي بهذا القدر في الجزء الأول، والرد على الحجة الثانية في الجزء الثاني إن شاء الله …