معركة عين جالوت
معركة عين جالوت
“يا أمراء المسلمين منذ زمن وأنتم تأكلون من بيت مال المسلمين، وأنتم للغزاة كارهون وأنا متوجه فمن اختار الجهاد فليصحبني ومن لم يختر فليرجع الى بيته، فإن الله مطلع عليه وخطية حريم المسلمين في رقاب المتأخرين”
كانت كلمة قطز “محمود بن ممدود الخوارزمي ” السلطان المملوكي الذي استلم حكم مصر بعد عدة صراعات دموية بين نهاية الأيوبين وبداية المماليك، انتهت بانتزاع الحكم من نور الدين وريث السلطان المعزالدين ايبك، حيث كان حينها الوريث الجديد لا يزال يلعب مع الصبية في حين كانت الأخطار محيطة بالدولة من كل اتجاه .
وكانت الدولة قد ضاقت بضعفها بعد سلسلة الخيانات والنزاعات وبعد حكم الصبي الذي دمر ولم يصلح، ومع كل خبر جديد عن وحشية التتار كانت الأحوال تزاد اضطرابًا وقلقًا وخاصة بعد وصول أخبار سقوط بغداد والدولة الخوارزمية وماحل بهم وبسلاطينهم.
حاول الأيوبيون وعلى رأسهم ” الناصر حاكم دمشق ” الاتفاق مع هولاكو ضد قطز من أجل السيطرة على مصر والدخول تحت راية هولاكو وفشل بذلك، وسُلمت الشام بذل وخوف للمغول وهرب الناصر إلى ظل قطز لكنه لم يدخل مصر بل عاد إلى سيناء ثم إلى الكرك ثم تم أسره واقتياده إلى المغول.
بدأ قطز بتجهيز الجيش والتمهيد للأهالي بالحرب فقد لاقى الكثير من الرفض والخوف من الحرب مع المغول بعد ما وصل إلى مسماعهم، وهنا كان قد وصل مكتوب هولاكو إلى قطز يهدده ويطلب منه الاستسلام وتسليم مصر، فقام هنا بجمع الأمراء واتفقوا على قتل رسل المغول وتم القبض عليهم وقتلهم وتم إشاعة الخبر بين الناس من أجل رفع روحهم المعنوية، ورد على هولاكو بخطاب أقوى وأشد بلاغة يخبره ب “إننا لانستسلم أبدًا وسنخوض الحرب معكم، وإن عشنا فسعيدًا، وإن متنا فشهيدًا، ألا إن حزب الله هم الغالبون”
وقام ببعض الإصلاحات الداخلية وعفى عن كل المماليك البحرية المنفيين في الخارج ورجعوا إلى مصر وعلى رأسهم الظاهر بيبرس.
وخرج قطز بجيشه في عام 658 هـ وبصحبته الملك المنصور “ملك حماة ” وأمر الأمير ركن الدين بيبرس أن يقود عساكره ليكونوا في مقدمه الجيش إلى غزة كي يعرف أخبار العدو بالإضافة لإيهام العدو بالعدد القليل للجيش، ثم حدثت معركة في غزة وتم القضاء على المغول الموجودين بها ولحق به قطز مع القسم الأكبر من الجيش وأخذ بيبرس يناوش ويراوغ قوات المغول ليخفي وجود الجيش الكبير.
ثم انضمت قوات الجيش الاستطلاعية إلى القوات الكبيرة في الشام في منطقة عين جالوت “قرية صغيرة تقع بين بيسان ونابلس في فلسطين”
كان كتبغا نويان نائب هولاكو موجودًا في الشام، وجمع جيشه ليواجه المسلمين وقام باستشارة صاحب حمص بالدخول أو انتظار الإمداد من هولاكو وجيشه، ولكنه قرر الدخول في الحرب وكان جيش المسلمين قد اكتمل وتجمع عدد كبير من الشام والعراق وباقي الدولة الخوارزمية والترك وغيرهم الذين خرجوا من أجل الجهاد في سبيل الله.
وتم اللقاء على أرض المعركة في صباح السادس والعشرين من شهر رمضان 658 هـ امتلئ الوادي بالجنود والناس الذين كانوا قد توافدوا متطوعين من أجل الشهادة من كل بلاد الشام.
اخذ جيش المماليك مواقعهم في الوادي وخلف التلال وتلاقوا مع نويان وهو يشتعل غضبًا بعد وصول خبر هزيمة كتيبة غزة وأصبح يقاتل بعشوائية حتى ينتقم لسمعة جيشه الذي لا يغلب ولا يهزم، وكان تطبيق القوات المصرية للحرب الأول من نوعة في المنطقة في اعتمادهم على الاستطلاع باستمرار، وسحبهم خارج الأراضي المصرية ومعرفة المكان قبل اللقاء.
ولا زال يلقي الخطب التي ترفع الروح المعنوية عند أي مشكلة تواجهمم فنادى”وإسلاماااه ” عندما تفرق المسلمون من جانب، وقتل نويان في بداية المعركة مما أدى الى اضطراب جيشه وميلهم إلى الانسحاب وتم حسم المعركة بمحاصرتهم ببيسان وقتلهم جميعًا.
وكانت هذه المعركة هي الأولى التي خسر بها المغول وبهذه الخساره الفادحة تم ضم وتوحيد العالم الإسلامي تحت حكم المماليك لأكثر من 270 عامًا.
المصادر:
كتاب السلطان المظفر سيف الدين قطز بطل معركة عين جالوت
البداية والنهاية لابن الكثير .