تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى وقود بطريقة أكثر كفاءة!
تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى وقود بطريقة أكثر كفاءة!
تطالعنا الأخبار -مطالعة شبه يومية- عن الآثار الكارثية لمشكلة الاحتباس الحراري الناتج عن الكميات الهائلة من انبعاثات الغازات الدفيئة التي يتسبب الإنسان بإطلاقها خلال نشاطاته اليومية.
وأحد أهم هذه الغازات التي تساهم في المشكلة: (غاز ثاني أكسيد الكربون) الناتج بشكل أساسي عن حرق الوقود الأحفوري للحصول على الطاقة، أو كمنتج ثانوي خلال اصطناع كثير من المركبات الكيميائية. وتبلغ كمية الغازات المنبعثة على المستوى العالمي سنوياً نحو (32.5) مليار طن متري؛ لذلك يتسابق العلماء للتخلص من هذا الغاز بطريقة اقتصادية وذلك بتحويله لمنتجات مفيدة.
واحدة من هذه المنتجات المهمة التي نجح العلماء بإنتاجها انطلاقاً من غاز ثاني أكسيد الكربون: (مادة الميثانول)، وهي مادة كيميائية فعالة ومتعددة الاستخدامات؛ فتستخدم استخداماً أساسياً كمذيب، بالإضافة إلى أنها مادة فعالة تدخل في اصطناع عدد كبير من المواد الكيميائية المختلفة؛ لذلك تُعدّ هذه الخطوة نظرياً مربحة جداً من الناحية الاقتصادية، حيث إننا ننتج مادة كيميائية واسعة الاستخدام انطلاقاً من غاز نطلقه بكميات كبيرة يومياً ونريد التخلص منه للحفاظ على البيئة.
المشكلة التقنية المهمة التي تواجه هذا التفاعل: هو أن مردوده منخفض جداً؛ لكونه تفاعلاً متوازناً. وللعلم فإننا نقول عن التفاعل الكيميائي أنه متوازن عندما يصل لنقطة تكون فيها سرعة التفاعل المباشر الذي يؤدي للنواتج مساوياً تماماً لسرعة التفاعل الكيميائي لمعاكس والذي تتفكك فيه المواد الناتجة عن التفاعل لتعطي المواد الأساسية الداخلة في التفاعل. ولإزاحة التفاعل نحو النواتج يجب علينا إزالة إحدى المواد الناتجة -وهي الماء في حالتنا- مع الإبقاء على باقي المواد في حجرة التفاعل.
في بحث نُشر حديثاً في مجلة (Science)، قام المهندسون الكيميائيون من معهد (Rensselaer Polytechnic Institute) برفع مردود تفاعل تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الميثانول أكثر فاعلية، وذلك باستخدام أغشية فصل فعَّالة للغاية قاموا بتطويرها.
حيث قام الباحثون بتجميع غشاء مكون من أيونات الصوديوم (Na+) وبلورات الزيوليت التي كانت قادرة على إمرار المياه بسرعة وبعناية من خلال المسام الصغيرة -المعروفة باسم القنوات النانوية الموصلة بالماء- دون أن تُفقد جزيئات الغاز الداخلة في التفاعل خلال عملية الفصل تلك.
وقال مياو يو (Miao Yu)، أستاذ خبير في الهندسة الكيميائية والبيولوجية وعضو في مركز التكنولوجيا الحيوية والدراسات متعددة التخصصات (CBIS) في رينسيلار والذي قاد هذا البحث: “يمكن لأيونات الصوديوم بالفعل تنظيم أو ضبط نفاذ الغاز”.
وتابع قائلاً: “يبدو أن أيونات الصوديوم تقف عند البوابة وتسمح فقط بمرور المياه. وعندما يدخل الغاز الخامل؛ فإن الأيونات ستمنع مرور الغاز”.
قال يو: في الماضي، كان هذا النوع من الأغشية عُرضة للعيوب التي قد تسمح لجزيئات الغاز الأخرى بالتسرب.
ونتيجة لذلك قام فريقه بتطوير استراتيجية جديدة لتحسين تجميع البلورات، والتي قضت على هذه العيوب.
وقال يو: عندما أزيل الماء إزالة فعالة من العملية.. ازدادت سرعة التفاعل الكيميائي زيادة كبيرة.
وقال هواتشنغ لي (Huazheng Li)، وهو باحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة رينسيلار، وأول مؤلف على الورقة: “عندما نتمكن من إزالة الماء من نواتج التفاعل، يتأثر الاتزان الكيميائي؛ مما يعني أن التفاعل يسير في اتجاه تكوين النواتج “أي: سيُحوَّل المزيد من ثاني أكسيد الكربون وسينتج المزيد من الميثانول”.
وقال ديباك فاشيشث (Deepak Vashishth)، مدير (CBIS): “هذا البحث مثال أساسي على الإسهامات الكبيرة التي يقدمها الأستاذ يو وفريقه لمواجهة التحديات متعددة التخصصات في مجال المياه والطاقة والبيئة”.
وتابع قائلاً: “إن تطوير ونشر هذه الأغشية المصممة حسب مجموعة البروفيسور يو يُعَدّ أمراً فعالاً وعملياً للغاية”.
وقال الباحثون: إن هذا الاختراق يمكن أن يحسِّن عدداً من عمليات الصناعة التي تعتمد على التفاعلات الكيميائية حيث يكون الماء ناتجاً ثانوياً فيها.
يعمل الفريق الآن على تطوير عملية قابلة للتطوير وشركة ناشئة تسمح باستخدام هذا الغشاء تجاريًا لإنتاج ميثانول عالي النقاء.
وقال يو: إن هذا الغشاء يمكن أن يستخدم أيضاً لتحسين عدد من التفاعلات الكيميائية الأخرى.
وتابع قائلاً: “في الصناعة ،هناك كثير من التفاعلات الكيميائية ذات المردود الضعيف؛ بسبب وجود الماء كناتج ثانوي عن التفاعل، وهذا الغشاء الوحيد الذي يمكن أن يعمل بكفاءة عالية في ظل ظروف التفاعلات الكيميائية القاسية”.
أعدّه: مصطفى سعد.
راجعه: د. توفيق ناولو.
قوّمه لغوياً: طارق القضماني.
المصدر: https://m.phys.org/news/2020-02-water-conducting-membrane-carbon-dioxide-fuel.html