لنبدأ أولًا بلمحة حول جهازنا الهضمي عمومًا، ولنتعرف على القُولُون والمستقيم خصوصًا لنتمكن من فهم هذه الآفة الشائعة والخطيرة.
يتكون جهازنا الهضمي من أنبوب عضلي.
هذا الأنبوب مبطَّن بمخاطية (تحميه وتُسهِّل الإنزلاق ولها فوائد أخرى) بالإضافة إلى بعض الغدد الملحقة به والتي تفرز الإنزيمات الهاضمة (لتفكيك محتويات الطعام بما يحتويه من جزيئات سكرية وبروتينية وشحمية ومن ثم امتصاصها عند وصولها للأمعاء الدقيقة).
ومن هنا نستنتج أن الهضم يقسَّم إلى: هضم ميكانيكي ناجم عن حركة عضلات الأنبوب الهضمي، بالإضافة إلى الهضم الكيميائي بواسطة الإنزيمات المُفرَزة من الغدد الملحقة كالغدد اللعابية في الفم والبنكرياس والكبد.
عند ابتلاع اللقمة عبر البلعوم تصل المريء، ثم المعدة فالمعي الدقيق وأخيرًا للمعي الغليظ (القُولون) والمستقيم ووظيفة القولون امتصاص الماء وتجفيف البراز وتخزينه ريثما يتم إطراحه.
والآن ما هو سرطان القُولُون والمستقيم؟
هو ورمٌ خبيث يصيب الأمعاء الغليظة (القولون) أو المستقيم (وهو الجزء الأخير من الأمعاء قبل الشرج) وصُنِّف في دراسات حديثة من أشيع السرطانات المنتشرة في وقتنا الحالي. ومن أشيع أنواعه السرطان الغُدِّي (Adenocarcinoma) بنسبة 95%.
ما زالت الآلية المُسببة غير مفهومة تمامًا، ولكن لوحظ خلل وراثي مترافق مع الإصابة وخاصة في الصبغيات (5، 18، 17)
العوامل المؤهبة للإصابة:
1)قصة عائلية للإصابة بالورم.
2)التقدم في العمر.
3)أمراض القُولُون الالتهابية (داء كرون، التهاب القُولُون التقرحي)/تحدثنا عنها في مقال سابق.
4)الحمية الحاوية على كميات كبيرة من اللحوم وقليلة الألياف.
5)التدخين والكحول والسمنة.
الأعراض:
تبدأ الآفة عادة دون أعراض وبعد فترة تبدأ ظهور أعراض النزف الهضمي ويتظاهر بخروج دم مع البراز وبعدها يعاني المريض من تشنجات في المستقيم، وانزعاج بطني، وألم، وفقد في الشهية، وفقدان سريع للوزن، وفي مراحله المتقدمة يؤدي لآلام في الحوض وهذه الأعراض متبدلة حسب موقع الورم.
وعند تأكيد التشخيص عبر تنظير القُولُون لا بد من التصوير الطبقي المحوري للبطن والصدر والحوض خوفًا من تشكل نقائل للأعضاء الأخرى كالرئتين والكبد.
العلاج:
أولًا: العلاج الجراحي: عمومًا نلجأ لاستئصال القطعة المصابة من القُولُون أو المستقيم عندما يكون السرطان موضعيًا وغيرَ منتشرٍ لأعضاء أخرى.
ثانيًا: العلاج الكيميائي: عمومًا نلجأ لهذا العلاج عند وجود نقائل لأعضاء أخرى وفي مراحله المتقدمة.
ملاحظة: قد يستخدم الطبيب العلاجين معًا.
والآن ما الذي يقينا من هذه الآفات الخطيرة والشائعة؟
الجواب في القول المأثور (درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج) ويتم ذلك بالحمية الغنية بالألياف والغذاء المتكامل والفحص الدوري السنوي لكبار السن في المراكز المتخصصة وأصبح هذا الفحص روتينيًا وإجباريًا في بعض الدول المتقدمة مما أدَّى لخفض معدل الوفيات نتيجة الكشف المبكر لهذا المرض وأدام الله صحتكم تاجًا على رؤوسكم.