التظاهر بالسعادة أمام الأطفال قد يكون مفعوله عكسياً
التظاهر بالسعادة أمام الأطفال قد يكون مفعوله عكسياً!
طلب الباحثون من أرباب الأسر تذكُّرَ حالاتٍ ادَّعَوا فيها أنهم بخير أثناءَ حديثهم مع أولادهم، وقد وضّحَتِ النتائج أنّ معظم الآباء الذين قاموا بهذا السلوك شعروا أنهم على غير ما يُرام، وأنّ تصرُّفهم هذا قد أضعَفَ الرّابط الأسريَّ مع أطفالهم.
وقد أعلن الباحثون القائمون على الدراسة أنهم وجدوا أنّ الآباء يشعرون بالألم لا بالسّعادة عندما يتظاهرون بمشاعر إيجابية لإخفاء مشاعرهم الحقيقية، أو عندما يُحاوِلون إخفاء المشاعر السلبية التي يشعرون بها من أجل سعادة أبنائهم.
وللحصول على نتائجَ ” واضحةٍ “، قام الباحثون بإجراء استطلاعَين للرّأي خاصَّين بأرباب الأسر عبرَ منصّة ” أمازون “، وفي كلا الاستطلاعين سُئِل الآباء أو الأمهات عن سُلُوكَي كبتِ المشاعر السلبية وتصنُّعِ مشاعرِ السعادة أمامَ أبنائهم، وعن أثر هذين السلوكين على كلٍّ من:
1. شعور الأهل أنهم على ما يرام.
2. ونوعيّة العلاقة بين الاهل وأبنائهم.
3. ومدى تجاوب الأهل مع حاجات أبنائهم.
وفي مُقدّمتها قالت مُديرةُ الفريقِ المسئولِ عن الدراسةِ والكتابةِ المُختصَّةُ في علم النفس الاجتماعي “ بوني لي ” مِن جامعة ” تورنتو انه “: ( من خلال فحصِ بياناتِ حالاتِ المشاعر السلبية والإيجابية كلٍّ على حدة، فإن النتائج التي توصّلنا لها قد تَكشِف الأثرَ المُميَّزَ لكلٍّ من هذين السلوكين ).
ففي الاستطلاع الأول سُئِل 162 شخصًا من أرباب الأسر عن حالاتٍ قدَّموا فيها العناية لأفراد أسرهم في الماضي، حيث قام كلُّ والدٍ بسرد ثلاثِ تجارِبٍ عن حالاتٍ جرَتْ وقائعها خلال أربعة الأسابيع السابقة للاستطلاع مُتضمِّنةً حالةً تفاعَلَ فيها الوالد بشكلٍ طبيعيٍّ مع الطفل، وحالةً ثانيةً قام فيها الوالدُ بإخفاء مشاعره السلبية عن أطفاله، وحالةً ثالثةً قام فيها الوالد بالمبالغة بإظهار السعادة لكي لا يُشعِر أطفالَه بالقلق, علمًا أنّ مُعدَّل أعمار الآباء في الاستطلاع 35 سنة تقريبًا، ولَدَى معظمهم أطفالٌ أعمارُهم بينَ 4 سنين و12 سنة.
وقد أظهرَتْ نتائج هذا الاستطلاع أنّ حالات إخفاء الشعور السلبي وحالات تصنُّع السعادة أمام الأولاد أدَّتْ إلى حالاتٍ من الإرهاق النفسي لدى الوالدين.
وقد أشارَتِ الكاتبة والأستاذة المُساعِدة في علم النفس ” إيميلي إيمبت ” في جامعة ” تورنتو ” في ” ميسيسوغا ” أنّ النتائج تُظهِر أنّ القيام بسُلوكَي إخفاء المشاعر السلبية وتصنُّع السعادة الغامرة أمام الأبناء ليسا بالأمر السهل، فالقيام بهما قد يقود الوالدين إلى الشعور بعدم الرضى عن نفسيهما.
أما فيما يتعلق بالاستطلاع الثاني، فقد أجاب 118 شخصًا من أرباب الأسر بالطريقة التي يشاءونها عن أسئلةٍ تتعلَّق بالأساليب التي استخدموها في تقديم العناية لأولادهم خلال عشرة الأيام التي سبقت الاستطلاع، وقد توصّل هذا الاستطلاع إلى نتيجة مفادها أنّ أرباب السر عندما يشعرون بالقلق على أولادهم فإنهم يَميلون إلى إخفاء شعورهم بالسلبية ويتظاهرون أنهم سعداء، وبالمُجمَل فقد كانَتْ نتائج الاستطلاع مُشابِهة لنتائج الاستطلاع الأول في أنّ تظاهُرَ الأهل بالسعادة أدّى إلى شعورهم بالإحباط فيما بعد.
وعلى ما يبدو فإن مُحاوَلة تحكُّم الآباء بمشاعرهم أمامَ أطفالهم كلَّفتهُمُ الكثير، فقد شعروا أنهم غيرُ واقعيّين ولا صادقين مع أنفسهم، وتقول “لي” أنّ مِن الضروريّ مُلاحَظةُ أنّ سلوك التظاهُر بالسعادة كان له أضرارٌ أكثرَ مُشيرةً إلى أنّ عملية السيطرة على المشاعر بطريقة تهدُفُ لمراعاة مشاعر الأطفال ضِمنَ سياقٍ مُحدَّد قد تكون ذاتَ أثر على نفسية الوالِدَين.
ويقول القائمون على الدراسة أنهم الآنَ قد أصبح لديهم تصوُّرٌ كافٍ عن كيفية تأثير التظاهُر بالسعادة أمامَ الأبناء على أرباب الاسر، وأنّ مِن المُفيد أيضًا أنْ نرى كيف يُؤثِّر هذا السلوكُ على سعادة الأطفال نفسهم.
أما الأستاذة ” إيملي إيمبت ” فتقول أنّ لا بدَّ من القيام بأبحاثٍ مُستقبَلية لتحديد أساليبَ سُلُوكيةٍ أخرى تُمكِّن أرباب الأسر مِن السيطرة على مشاعرهم، وتُعزِّز شعورهم بالثقة، وتُساهِم في جعلهم يَستمتِعون بأوقاتهم مع عوائلهم.
المصدر :