الإعجاز العلمي في القرآن و السنة – ما له و ما عليه؟
وذلك تمهيدا لعرض أوثق الإعجازات العلمية على صفحتنا في منشورات قادمة إن شاء الله تعالى
ولكي لا يتشعب الحديث بنا في هذا الموضوع الهام نسوقه في نقاط محددة وواضحة فنقول :
1- هناك مقدمة لا بد من التسليم بها وهي : إذا تعرض كتاب يزعم أنه من عند (خالق) هذا الكون إلى ذِكر أشياء من هذا الكون (مثل الأرض والجبال والبحار والسحاب والرياح والمطر والسماء والنجوم والشمس والقمر والكائنات الحية والإنسان إلخ) :
فلا شك أنه – ومن البديهي – مقارنة ما ذكره عن هذه الأشياء : بالواقع الذي يراه الإنسان أو يكتشفه مع الوقت ومع تطور أدوات الرصد والمعرفة لديه – وذلك لأنه من المفترض (تطابق) تام بين حقائق الكون وبين ما ذكره هذا (الخالق) المزعوم في كتابه – ولن يُجدي هنا ادعاء أن هذا كتاب دين وليس كيمياء وطبيعة وفيزياء !! وذلك لانه تعرض بالفعل للطبيعة والكون وما فيه –
فإذا وقع هذا التطابق : كان هذا الكتاب هو من خالق الكون فعلا وحقا وصدقا
وإذا لم يقع هذا التطابق واكتشفنا بمرور الوقت مخاصمة الحقائق لما في هذا الكتاب المنسوب إليه : كان إلها مزعوما بالفعل وليس حقيقيا أو أن كتابه قد ناله التحريف على الأقل
2- ننتقل الآن إلى النقطة المنطقية التالية – باعتبار أن القرآن هو أكثر الكتب القديمة المعروفة التي ذكر فيها مئات الإشارات إلى عناصر من الكون – وهي : هل ورد في القرآن لفت النظر إلى تلك الملحوظة ؟
3- كل قاريء للقرآن يلمس فيه ثقة مطلقة وتامة من المتحدث بأنه عالم كل شيء وعالم ما نرى ومالانرى – ثقة مقصودة وليست على استحياء – ثقة تحدي بتسمية ما سيظهر من علامات هذا التطابق بين الكون المرئي والكتاب المقروء بأنها ستكون (آيات) !! أي : دلائل وبراهين على أن هذا الكتاب هو من عند خالق الكون بالفعل
ولهذا :
فالصواب في تعريف الإعجاز العلمي – وأيضا الإعجاز الغيبي أي الإخبار بأشياء كانت مجهولة في الماضي أو المستقبل ثم يظهر صدقها – أنها (آيات) و (علامات) و (دلائل) و (براهين) على صدق الوحي قرآنا أو سنة
4- ومن هنا يقول عز وجل في هذا القرآن الذي جعله معجزة نبيه محمد الباقية عبر العصور والقرون :
” قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد ” سورة فصلت 53
حيث يُذكر الكافرين بالقرآن كيف يكون مصيرهم ومدى ضلالهم بهذا الكفر إذا كان هذا الوحي من عند الله بالفعل ؟ ولذلك يقول في الآية التي تليها مباشرة :
” سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ”
والسين هنا تعبر عن المستقبل وكشف ما لم يكن معروفا من قبل – وفي هذا رد على المتفلسفين الذين يقولون للمسلمين لماذا لا تستخرجوا لنا إعجازا علميا قبل أن يتم اكتشافه أو قبل أن يكتشفه الغرب !! والسؤال : كيف سيكون إعجازا إذا عرفناه قبل اكتشافه أو قبل أن يكتشفه الكفار بأنفسهم ليكون حُجة عليهم قبلنا ؟!! عجيب 🙂
5- وقد اختلف المفسرون في هذه الآية : فمنهم من رأى فيها وعد الله بنصرة دينه في الآفاق وفي قلب أهل مكة أنفسهم – وهو ما اختاره الطبري شيخ المفسرين ومن أقدمهم – ومنهم من نقل معناها الأشمل والأظهر في أنها تشمل كل آية على صحة هذا الوحي – وهو ما ذكره الطبري أيضا بنفسه في قوله :
” وقال آخرون : عنى بذلك أنه يريهم نجوم الليل وقمره , وشمس النهار , وذلك ما وعدهم أنه يريهم في الآفاق . وقالوا : عنى بالآفاق : آفاق السماء ”
وأيضا :
” حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد , في قوله : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم } قال : آفاق السموات : نجومها وشمسها وقمرها اللاتي يجرين , وآيات في أنفسهم أيضا ”
وسبب ترجيح الطبري التفسير الأول المحدود عن هذا الثاني : أنه ظن أن تلك الآيات في الآفاق وفي الأنفس ليس فيها جديد !! بل كل الناس تراها من قبل الإسلام وبعده .. يقول :
” فأما النجوم والشمس والقمر , فقد كانوا يرونها كثيرا قبل وبعد ولا وجه لتهددهم بأنه يريهم ذلك ”
6- ولم ينتبه هنا رحمه الله إلى تجدد العلوم والاكتشافات حتى فيما نراه أمامنا وفي أجسامنا نفسها وما نكتشفه من إبداعات في الخلق دالة على الخالق ، وقد تعمدنا الإشارة هنا إلى موقف الطبري هذا لأنه هام جدا في إظهار أصل إعجازي في القرآن وهو أنه يأتي بالمعاني المتغيرة بمرور الوقت رغم ثبات الكلمات هي هي نفسها !! وهذه من المميزات الكبرى للغة العربية ، أن يكون لبعض الآيات الكونية أكثر من تأويل في تفسير معاني كلماتها : فيأخذ كل عصر التفسير الذي يناسبه أو يراه : مع بقاء التفسير الصحيح من ضمن التفاسير التي قيلت : ثم يظهر في وقته بلا تعارض بينهم جميعا !!
7- ولذلك كان ابن كثير أكثر حيطة في تفسيره لهذه الآية رحمه الله فقال :
” { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم} أي سنظهر لهم دلالالتنا وحججنا على كون القرآن حقا منزلا من عند الله، على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية { في الآفاق} من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان. قال مجاهد والحسن والسدي: { وفي أنفسهم} قالوا: وقعة بدر وفتح مكة ونحو ذلك، من الوقائع التي نصر الله فيها محمدا صلى الله عليه وسلم وصحبه، وخذل فيها الباطل وحزبه، ويحتمل أن يكون المراد ما الإنسان مركب منه، من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم التشريح، الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى ”
8- وكذلك يقول القرطبي رحمه الله :
” { في الآفاق} آيات السماء { وفي أنفسهم} حوادث الأرض. وقال مجاهد: { في الآفاق} فتح القرى؛ فيسر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم وللخلفاء من بعده وأنصار دينه في آفاق الدنيا وبلاد المشرق والمغرب عموما، وفي ناحية المغرب خصوصا من الفتوح التي لم يتيسر أمثالها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم، ومن الإظهار على الجبابرة والأكاسرة وتغليب قليلهم على كثيرهم، وتسليط ضعفائهم على أقويائهم، وإجرائه على أيديهم أمورا خارجة عن المعهود خارقة للعادات …… إلى أن قال أيضا بتصرف يسير :
” وقال عطاء وابن زيد أيضا { في الآفاق} يعني أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغيرها. وفي الصحاح : الآفاق النواحي، واحدها أفق { وفي أنفسهم} من لطيف الصنعة وبديع الحكمة حتى سبيل الغائط والبول؛ فإن الرجل يشرب ويأكل من مكان واحد ويتميز ذلك من مكانين، وبديع صنعة الله وحكمته في عينيه ، وفي أذنيه . وغير ذلك من بديع حكمة الله فيه. وقيل: { وفي أنفسهم} من كونهم نطفا إلى غير ذلك من انتقال أحوالهم كما تقدم في { المؤمنون} بيانه (يقصد القرطبي آيات مراحل الجنين)
9- وأما في تفسير الجلالين رحمهما الله جلال الدين السيوطي وجلال الدين المحلي :
” { سنريهم آياتنا في الآفاق } أقطار السماوات والأرض من النيرات والنبات والأشجار { وفي أنفسهم } من لطيف الصنعة وبديع الحكمة { حتى يتبين لهم أنه } أي القرآن { الحق } المنزل من الله بالبعث والحساب والعقاب، فيعاقبون على كفرهم به وبالجائي به ”
10- وإن كان الطبري أخطأ في ترجيح معنى مرجوح في الآية السابقة وتضييق ما أصله الاتساع : فقد أصاب في ترجيحه في معنى الآية التالية من قوله عز وجل في آخر سورة ص :
” ولتعلمن نبأه بعد حين ” ص 88
حيث بعدما استعرض مختلف الأقوال فيها – والتي أغلبها يقول أن الكافرين سيعلمون بصدق الوحي بعد الموت أو في يوم القيامة – قال رحمه الله :
” وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أعلم المشركين المكذبين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين من غير حد منه لذلك الحين بحد , وقد علم نبأه من أحيائهم الذين عاشوا إلى ظهور حقيقته , ووضوح صحته في الدنيا , ومنهم من علم حقيقة ذلك بهلاكه ببدر , وقبل ذلك , ولا حد عند العرب للحين , لا يجاوز ولا يقصر عنه . فإذ كان ذلك كذلك فلا قول فيه أصح من أن يطلق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت . وبنحو الذين قلنا في ذلك قال أهل التأويل ”
11- إذن : وبعد أن أخذنا جولة في كتب التفسير لنرى أصل مسألة الإعجاز في القرآن على أنه (آيات) و (علامات) و (أدلة) ستظهر للناس على صدق هذا الوحي من الله خالق هذا الكون نسأل :
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفرح بظهور صدق شيء غيبي كان أخبر الناس به ثم ثبت وقوعه ؟
الإجابة هي نعم ، هذا مشروع بل ومطلوب كذلك – وقد فرح النبي لما حكى تميم الداري رؤيته للمسيح الدجال – وكان تميم نصرانيا قبل أن يُسلم – فوافق ما كان يحكيه النبي للمسلمين عنه – راجع حديث الجساسة الشهير في صحيح مسلم – فكيف لا يفرح المسلم بآية علمية أو غيبية تتحقق في القرآن أوالسنة لتدل علىصدق الوحي ؟
والشاهد :
أن ذلك بالفعل كان من أكثر أسباب دخول الكثيرين في الإسلام منذ قرون وإلى اليوم : وخاصة الإخبار الغيبي عن الماضي مثل أن النبي مذكور في كتب الأولين واليهود والنصارى باسمه وصفته وغير ذلك الكثير الذي لا يحصره مقال واحد
12- فلما كان ذلك كذلك : صار لاعداء الإسلام هدف وهو التشكيك في أي آية أو ما نسميه إعجازا : وسواء كان الإعجاز أو الآية صحيح لا شك فيه أو فيه خطأ اجتهاد أو تحامل بالفعل ، وسواء قام بذلك التشكيك نصارى أو ملاحدة أو علمانيين ، أو قام به مسلمون للأسف تحت دافع الجهل أو دافع التأثر العاطفي بأكاذيب مَن يطعنون في الغعجازات الواضحة بشبهات متساقطة لا تصح – كمَن قال مثلا أنه لا يوجد مصدر علمي على أن مفاصل جسم الإنسان 360 مفصل كماجاء في حديث النبي الصحيح واتهم المسلمون أن مراجعهم منقولة من بعضهم البعض في ذلك وسوف نخصص لهذا الإعجاز المنشور القادم كله بإذن الله !! – أو زعم بعض المسلمين تنقية الدين مما يمكن أن يطعن به فيه : فينادي بإلغاء بند الإعجاز العلمي باكمله لان العلم متغير أو النظريات تتغير !! وهذا منطق غريب !!
يعني إذا أخطأ بعض الأشخاص في وصف بلد من البلدان – وعندنا العشرات الذين وصفوها صوابا – : فهل ننكر وجود هذه المدينة بسبب هؤلاء المخطئين ؟!! والصواب :
أن الأقوى في إثبات الإعجاز العلمي : أن يتحدث عن (حقيقة) مكتشفة وجدنا لها إشارة في القرآن أو السنة – ثم يليه في القوة أن يتحدث عن (نظرية) مقبولة عالميا ولها شواهد تجريبية مقاسة (وليست مُفترضة) أثبتها المجتمع العلمي – فهنا يكون من المضحك أن يسكت المسلمون عن هذه النظرية وما يعضدها او يؤكدها من الدين بدعوى أنها (نظرية) وليست (حقيقة) !!
يعني بالعقل : أي مسلم هذا الذي سيرى المجتمع العلمي العالمي يؤكد (اتساع) الكون مثلا (أو السماء بتعبير أدق كما في القرآن) : ثم يسكت وعنده آية ” والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون ” الذاريات 47 ؟!!
والصواب والمنطق : أن يقول على الأقل : نجد لهذه النظرية إشارة أو سندا قد يؤيدها وهو تلك الآية – والسؤال : ماذا في هذا ؟
فالنظريات – لمَن لا يعرف – : ليست كالفرضيات !!
الفرضية مجرد فكرة مطروحة لتفسير ظاهرة طبيعية أو حقيقة مشاهدة حتى ولو لم يكن على الفرضية أي دليل – ولكن النظرية هي التي تأتي بأدلة على صحة الفرضية !! هذه الأدلة منها ما قد يكون مُشاهد ومنها ما هو نتيجة حسابات نظرية ونحوه – فأما المشاهد فلا ينكره أحد حتى ولو ثبت فيما بعد أن النظرية أخطأت في الاستدلال به
ومن هنا :
فلسنا مع (تعليق المشانق) و (التضخيم) و (التهويل) لمَن أخطأوا من الأفاضل في اجتهادات علمية وربطها بإشارات محتملة في القرآن أو السنة ، وفي نفس الوقت نحن لا نبرر لهم أو ندافع عن الأخطاء أو نطالب بالستر عليها : لا .. نبينها ونناقشها
13- ولعله لذلك السبب – واحتياطا وواجبا – تم إنشاء هيئة عالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة : تعمل على استقبال الأبحاث العلمية التي يُقدمها مجتهدون في هذا المجال لتحكيمها والنظر في مدى صحتها أو دقتها بقدر المستطاع – وهذا ما جعل المنتوجات النهائية لتلك الهيئة تحوز على مصداقية أكبر في القبول العلمي والنزول بمستوى الخطأ الاجتهادي إلى أقل درجاته (سواء أخطاء لغوية في معاني الكلمات القرآنية أو أخطاء علمية وتحميل النصوص ما لا تحتمله من معاني) – وهذا رابط الهيئة لمَن يريد الاطلاع عليها وعلى مجهوداتها وشروط الإعجاز العلمي المقبول عندها ومسابقاتها ومنشوراتها ومؤتمراتها السنوية وفي مختلف مدن العالم : هنا
14- وهنا : لا نستحي ولا نتهرب من الاعتراف بخطأ عدد من الاجتهادات الفردية لمسلمين ودكاترة مختصين في مجال الإعجاز العلمي ، ولكننا – واختلافا عن غيرنا – لا نتخذ من تلك الأخطاء (ذريعة) لإسقاط هؤلاء الأشخاص أو تشويههم أو الطعن فيهم وفي نواياهم وأنهم كانوا يغشون المسلمين عن عمد إلى آخر هذه الاتهامات الظاهرة أو المبطنة !! فنحن هنا لا نتحدث عن شرذمة من شباب الملحدين أو العلمانيين أو النصارى الذين يؤلفون صورا وإعجازات مضحكة لينشروها بين المسلمين ليسخروا منهم ، وإنما نتحدث عن أشخاص مسلمين محترمين معروفين بمجهوداتهم الدعوية وحبهم للدين وصدق اجتهادهم وسفرهم وبذلهم للمال والوقت في ظل نشر الحق وتعريف غير المسلمين به
والخطأ وارد على كل أحد وليس هناك معصوم .. وقد وضح لنا رسولنا الكريم في الحديث الصحيح المعروف ان المخطيء المجتهد له أجر واحد (أجر اجتهاده) في حين المجتهد المصيب له أجرين (أجر الاجتهاد وأجر الإصابة)
15- وأسباب الخطأ في مجال الإعجاز العلمي غالبا يمكن تلخيصها في التالي :
أولا :
عدم الرجوع إلى اللغة العربية ومعاني الكلمات الواردة في آيات الإعجاز واستخداماتها
ثانيا :
عدم النظر في أقوال المفسرين والصحابة أو التابعين وما فهموه من سياق الآيات ومعانيها المحتملة – وهذا يُجنبنا تلاعب اللاعبين من منكري السنة وغيرهم بكلمات القرآن واختراع معاني عجيبة غريبة لها لم يقل بها أحد من قبل مثل الذي يقول أن الزنا من الزن (أي الرزالة والغتاتة) والجن هم (أكابر الأشرار من البشر) والحور العين هي (فاكهة متجددة) أو (اختيارات متجددة لأجسامنا والخيرات في الجنة) ومن يقول أن سيدنا آدم هو (أوادم) وجنس كامل رجال ونساء وليسوا رجل واحد وأنهم تطوروا من حيوانات !! إلى آخر ذلك من التفسيرات المضحكة لغة وعرفا ويفضحها القرآن نفسه فضلا عن عشرات الأحاديث الصريحة المفصلة للكثير من معاني القرآن (ولذلك كل هؤلاء بصفة أساسية يكونون منكري سنة كما ذكرنا)
ثالثا :
التسرع في فهم نظرية علمية تم الإعلان عنها – في حين الصواب أن يتم فهمها واستيعابها أولا : ثم إذا ظهر لها إشارة في القرآن أو السنة – بغير تكلف – أو إشارة في أقوال المفسرين : فلا بأس ساعتها
رابعا :
التسرع في ربط آيات أو آحاديث بـ (فرضيات) لم تثبت بعد أو لم تتحول حتى إلى (نظريات)
خامسا :
عدم تقبل كل ما يصدر عن الغرب مما يسمونه (نظرية) على أنه حقا كذلك إلا إذا تحققت فيه بالفعل شروط النظرية : وذلك مثل فرضيات التطور مثلا والتي لا دليل واحد تجريبي عليها إلى اليوم . وبابنا مفتوح لمناظرة أي جهة علمية أو معروفة غربية أو عربية تدافع عن أنه نظرية – أو مناظرة أشخاص يدافعون عنه (مسلمين أو غير مسلمين)
والشاهد :
أن العلم عندما كان في أحضان المسلمين في قرون الحضارة الإسلامية المشرقة : لم يعرف غشا ولا خداعا ولا تسييسا ولا تحجيرا وإنما فقط سعي صادق لاكتشاف الكون والكائنات والقوانين التي أودعها الله تعالى لتنظيم الأشياء والدالة على عظم المقنن سبحانه -لم يتم اضطهاد عالم لرأيه العلمي – لم يتعرض أحد لعالم قال بكروية الأرض !! ولم يتعرض أحد لعالم اقترح دوران الأرض حول الشمس لا العكس !! فالعبرة في الإسلام شرعيا وعلميا هي للدليل
فلما تولى الكفار دفة العلوم والاكتشافات الحديثة : صرنا نسمع لأول مرة عن غش في الأبحاث العلمية وغش في النتائج العلمية وغش في المشاهدات والتجارب وغش وتزوير في هياكل عظمية وانحياز جهات معينة لآراء معينة وضغوطات على علماء ودكاترة جامعات بسبب آراء علمية تصل إلى الطرد والتضييق عليهم ومنعهم من الدعم المالي أو تمويل أعمالهم إلخ !!
إذن :
نحن كمسلمين لا يجب أبدا أن نكون إمعة (وهي ما يلبس في الرأس) نميل مع من يلبسها حيث مال – وإنما يجب أن نستخدم عقولنا ونقبل أو نرفض بعد فحص وتمحيص ودراسة وتشاور وتحكيم نزيه
وفي النهاية نسعى للعودة إلى ريادتنا العلمية مرة أخرى ليكون لنا اكتشافاتنا ومجهودنا الذي يعيد إلى العلم صدقه وحياديته التي لا تعرف إيمانا أو كفر وإنما رصد ومشاهدة وتجربة وتحليل