يمكن أن يكون بول رواد الفضاء مادة بناء رائعة لقواعد القمر المستقبلية
قد يكون بول رائد الفضاء مادة بناء رائعة لقواعد القمر المستقبلية!
إذا كنا نحن البشر نريد العيش على سطح القمر- وهو ما نخطط لفعله- فسنحتاج شيئاً نقيم فيه.
المركبات الفضائية الصغيرة ربما كانت تفي بالغرض للفترات القصيرة والمؤقتة التي قضتها مهمة أبولو، لكن لقضاء فترات أطول على سطح القمر سنحتاج مكاناً دائماً أكثر.
وكون نقل مواد البناء للقمر يمثل كابوسا لوجستياً مُكلفاً، فقد قامت وكالات الفضاء بالبحث عن مواد موجودة فعلاً على سطح القمر، واستنتجوا أنّ واحدة من هذه المواد قد تكون موجودة في “البول”.
وتحديداً، مادة “اليوريا” في بول روّاد الفضاء هي التي يمكن استخدامها لتلدين وتليين الخرسانات التي هي مادة البناء الأساسية على سطح القمر، لتصبح هذه الخرسانات أقل هشاشةً وأكثر مرونة وتُنتِجُ بناءً أقوى.
يقول عالم المواد رامون باميس Ramón Pamies من جامعة بوليتكنيك في قرطاجنة: “حتى نصنع الخرسانة الخليطة من المعادن والعناصر الكيميائية الجيوبوليمرية (Geopolymer concrete) التي سنستخدمها في البناء على سطح القمر، سنقوم باستثمار ما هو موجود هناك أصلاً: الريغوليث (وهي مادة لينة تغطي صخور القمر)، والماء الموجود على شكل جليد في بعض المناطق في القمر أيضاً”.
ويضيف العالِم باميس قائلاً: “وإضافة لذلك، في دراستنا للمواد التي يمكن الاستفادة منها في البناء على سطح القمر، وجدنا أن بول رواد الفضاء يمكن استخدامه أيضاً، فالمكونان الأساسيان لهذا السائل هما الماء واليوريا، وهو جزيء يكسر الروابط الهيدروجينية فيعمل على تقليل لزوجة العديد من المخاليط السائلة”.
العلماء هنا على سطح الأرض قاموا فعلاً بإجراء عدة تجارب لتحديد المواد التي يمكن استخدامها لبناء قواعد جيدة على سطح القمر.
هناك عدة أمور يجب أخذها بعين الاعتبار، مثلاً، درجات الحرارة القمرية قد تتغير من 120 درجة سيليزية خلال النهار إلى -130°C ليلاً، وأبرد من ذلك بكثير عند قُطبَي القمر! ولذا يجب أن تتحمل مواد البناء هذه التغيرات الحرارية الكبيرة بالإضافة لعزل الحرارة عما يوجد داخل البناء.
وبسبب عدم وجود غلاف جوي للقمر، فهو عرضة للعديد من الإشعاعات، كما أنه بذلك لن يكون هنالك غلاف عازل يحرق الصخور الفضائية التي قد تنزل على سطحه. مع وجود 44000 كجم (97000 باوند) من المواد النيزكية التي تضرب الأرض يومياً، فهناك إذن العديد من التصادمات المحتملة التي على بُنية القمر أن تتحملها.
و بما أنّ خصائص اليوريا معروفة، ويمكن وجودها في أي مكان به بشر، فقد حاول فريق البحث بناء مجسمات من مواد شبيهة بالريغوليث القمري واليوريا.
وباستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، قاموا بتكوين أسطوانات من الخليط حتى يكتشفوا مدى جودة اليوريا وعمله كملدن {ملين}. وقد قاموا أيضاً بعمل أسطوانات من: شبيه الريغوليث، ومادة متعدد الكربوكسيل (polycarboxylate)، ومادة الملدنات التي أساسها نفثالين (Naphthalene-based superplasticisers)، وأسطوانة تحكم من غير ملدنات على الإطلاق. وبهذا يمكن لفريق البحث مقارنة نتائجهم، عبر وضع هذه الأسطوانات في سلسلة من اختبارات القوة، تتضمن ثماني دورات من (التجمد-ذوبان)، حتى تمثل درجات حرارة مشابهة لتقلبات حرارة سطح القمر.
المخاليط المكونة من اليوريا أو الملدنات التي أساسها النفثالين أدّت عملها بشكل جيد مثل مواد الطباعة ثلاثية الأبعاد، لقد كانت “ناعمة” بما فيه الكفاية لبناء هيكل من غير أي تشوهات (مع أن نموذج النفثالين تصدع قليلاً في عملية التشكيل وصب القالب) لكنها كانت قادرة على تحمل أحمال ثقيلة بعد مدة قصيرة من طباعتها من غير أن تفقد شكلها كثيراً.
مادة متعدد الكربوكسيل (polycarboxylate) وأسطوانة التحكم كانتا جامدتين جداً ولم يكن من السهل صبهما في القالب، وكوَّنا كسوراً ملحوظة ناتجة عن الضغط، مع أنهما حافظتا على شكلهما حينما تعرضتا لأحمال خفيفة الوزن.
الفريق قاموا أيضاً باختبار قوة الضغط للعينات بعد سلسلة من دورات (التجمد-ذوبان) ولاحظوا أن خليط اليوريا أظهر “تزايدا خفيفا مستمرا في قوة الضغظ”.
هناك الكثير من البول في الأكياس الخاصة بالتبول لرواد الفضاء، ومن الضروري إجراء اختبارات أخرى، لكنه من المحتمل استخدام البول فور خروجه من غير الحاجة لفصل اليوريا منه.
تقول عالمة المواد آنا لينا كوينكسن بكلية أوتسفولد بالنرويج: “نحن لم نبحث بعد عن كيفية استخراج مادة اليوريا من البول، حيث ما زلنا نقيِّم إن كانت هذه الخطوة ضرورية أصلاً، فقد تكون بقية مكونات البول صالحة للاستخدام في تكوين الخرسانة الخليطة القوية الجيوبوليمرية ( Geopolymer concrete).
وأضافت: “الماء الموجود في البول يمكن أن يستخدم للخليط، وذلك بالإضافة للماء الذي سنحصل عليه من الجليد الموجود على سطح القمر”.
بالمناسبة، يوجد خزان كامل من البول هناك على سطح القمر بالفعل، تُرِك من قبل رواد فضاء أبولو، وهذا الخزان بالتأكيد فاعليته أفضل في احتواء البول من طريقة رائد الفضاء (Buzz Aldrin) الذي استخدم بنطاله عوضاً عن الخزان!
هذا البحث نُشر في: (Journal of Cleaner Production).
المصدر :
https://www.sciencealert.com/future-moon-bases-could-be-made-out-of-astronaut-wee