النظرية الكبرى في مجال الحاسوب : «الكمبيوتر الكمي».
يُمكن للكمبيوتر الكمّيّ أنْ يقوم بعمليات حسابيّة معقدة وبطريقة تفوق سرعة الكمبيوتر التقليديّ. ففي طريقة تمثيل البيانات –أيضًا- فإنَّ الكمبيوتر الكمّيّ يعدُّ مغايراً للكمبيوتر التقليديّ؛ فعلى سبيل المثال : فإنَّ الكمبيوتر العاديّ يمثل البيانات بـصفر أو واحد [0 . 1] وهي تسمى البتّ (bit) . ولكن على مستوى الكمبيوتر الكمّيّ فإنَّ البيانات تُمثل بما يُعرف بالكيوبت ( Qubit ) ، وما يميز الكيوبت أنَّه يمكنه تمثيل[ 0 أو 1]، وفي بعض الحالات الخاصّة – والعائدة لمفاهيم التعامل على المستوى الذريّ وفق فيزياء الكم – أنْ يُمثل [0 و 1 ] معاً في نفس الوقت .
على الرغم أنَّ الكمبيوتر الكميّ قد تمَّت برهنته وتنفيذ نسخة بسيطة منه في المعمل وكانت عبارة عن[ 12Qubit ] فإنَّ بناء كمبيوتر كمّيّ معقد ليقوم بعمليّة حسابيّة عالية يحتاج لأمور عدة، ومن أهمها تصغير تكنولوجيا الكيوبت بشكل مشابه لما يحدث في عملية تصغير الترانزستور في الحاسوب التقليديّ.
- أحدى التقنيات الأكثر انتشاراً واستخداماً في محاولة تصميم الكمبيوتر الكميّ تُسمى ( Ion traped ) وهي تتطلب تقنيات معقدة لتنفيذها .
- [Ion traped] « طريقة فيزيائيّة مصنعيّة في استخدام المجال الكهربائيّ أو المغناطيسيّ للتّحكم في الجُسيمات المشحونة، وهي عملية مهمة على مستوى الذريّ ولها تطبيقات كثيرة ومن أشهرها محاولة استخدامها لتسهيل بناء الكمبيوتر الكميّ ».
في مجلة (Nature Nanotechnology) : أعلن باحثون في جامعة [MIT] عن خطوة مهمة في بناء حاسوب كميّ عمليّ؛ وذلك في بحث منشور عن نسخة أوليّة من شريحة الكترونيّة يمكن لها أنْ تقوم بعملية [Ion traped] ؛ وذلك عبر المجال الكهربائيّ. ومبنيّ داخلَ الشريحة أيضاً أجزاء من تقنية بصريّة تتحكم في الأيونات وحركتها حول أقطاب المجال الكهربائيّ .
مجموعة[ Quantum Information and Integrated Nanosystems]في معمل[ Lincoln Laboratory] هي أحد المراكز البحثيّة التي أنتجت وطورت في مجال تقنية حبس الأيونات نسخةً صغيرةً ومُبسطةً تعرف بــ [Surface traps] في التقنيّة التقليديّة لحبس الأيونات عبر تقنية: (Cage traps ) : وهي عبارة عن قفص صغير وقضبان هذا القفص الأقطاب الكهربائيّة التي تُنشئ مجالاً كهربائيا . الأيونات تقف في منتصف هذا القفص بالتوازي مع القضبان [ الأقطاب الكهربائيّة]. وأمّا [Surface trap] : هي عبارة عن شريحة الكترونيّة مضمن بداخلها أقطاب كهربائيّة في سطح الشريحة، والأيونات تحوم بما يقارب من [50] مايكرومتر فوق أقطابها.
تقنية الحبس في القفص محدودة في عدد الأيونات التي تتعامل معها، ولكنَّ الحبس في تقنية السطح -نظريّاً – يُمكّن من زيادة عدد الأيونات، ولهذا؛ فمع تقنية [Surface trap] يمكن مسك أو حبس عدد هائل من الكيوبت داخل الشريحة الإلكترونيّة . يقول ( جيرمي سيج) والذي يقود البحث مع (جون جفريني) في معمل [ Lincoln] : « نحن نؤمن أنَّ تقنية [Surface traps] هي المفتاح الجوهريّ لعملية هذه الأنظمة حتى تزداد في عدد الأيونات المحبوسة والذي بدوره يساعد في بناء حواسب كميّة ذات حجم عالٍ وقوة كبيرة ». ويواصل (جيرمي) قائلاً : « أمّا تقنية القفص للحبس الأيونيّ فإنَّها تعمل بشكل جيد ولكن يعيبها أنَّها تعمل على مستوى من [ 10] إلى[ 20 ] أيوناً» .
إنَّ القيام بعملية حسابيّة كميّة يتطلب القدرة على التحكم بمستوى الطاقة لكل كيوبت (Qubit) ، وأشعة ليزر تتحكم بعملية القبض وحبس الأيونات الخاصة بالكيوبت. في تقنية [ Surface trap ]مسافة الأيونات بين بعضها البعض يبلغ[ 5 ] مايكرومتر فقط . وللتحكم بها -أي الأيونات – عبر الليزر من دون التأثير بالأيونات الأخرى عملية صعبة بشكل كبير . وقلة من المجموعات العلميّة في هذا المجال التي حاولت التحكم بالأيونات عبر الليزر، وجلّ التقنيات التي استخدمت فشلت حينما نتحدث عن أنظمة كبيرة تتضمن عدد أيونات عالٍ .
جامعة[ MIT ] استطاعت أنْ تتغلب على هذه العقبة عبر مشروعين مختلفين تم ضمهما معاً ليخرج لنا المشروع البحثيّ الخاص بهذا الخبر، وذلك بدايةً عبر مجموعة رام[RAM] العلميّة وهي تضم ( رام وكارين ) : طالِبي دراسات عليا في جامعة[MIT] قسم الهندسة الكهربائية، وقد كانا أول من يكتب حول شريحة الكترونيّة تضم مكونات بصريّة يمكن لها التحكم بأشعة أو ضوء الليزر في اتجاه أيونات فرديّة . وعلى الجانب الآخر كان (سيجا وجيفريني ) وزملائهم في معمل [Lincoln ] يعلنون عن تقنية جديدة في حبس أو مسك الأيونات وهي تقنية [Surface trap] وبهذا تمَّ دمج المشروعين السابقين معاً؛ لينُتَجَ شريحة الكترونية مضمن بداخلها عناصر بصريّة يمكن لها التحكم بالليزر، بالإضافة لاستخدام تقنية [Surface traps] كتقنية في الشريحة؛ ليتمّ بها حبس الأيونات ومن ثم التحكم بها. وهذا الدّمج كان وفق عدم التأثير في المستوى والأداء للتقنيتين . تمكنت كلتا المجموعتين معاً من تصميم ومن ثم تنفيذ التجربة لرؤية نتائج النظام الجديد .
يقول (رام ): « سابقًا وبالنسبة للأقطاب الكهربائيّة كانت أشعة الليزر تأتيها من خارج النّظام، ثمَّ تدخل للشّريحة الإلكترونيّة؛ لذلك أصابنا قلق دائم حول: إنَّ الأشعة قد تهتز أو تتحرك؛ وهذا بدوره يؤدي للتأثير في الأيونات المراد حبسها » .ويكمل ( رام )قائلاً : « مع هذا الدمج للشّريحة مع الأجزاء البصريّة لم يعد هذا يقلقنا؛ لأنَّ أشعة الليزر داخل الشريحة الإلكترونيّة مستقرة؛ وذلك لاحتوائها على أقطاب كهربائيّة » .
الشريحة الإلكترونيّة الجديدة مبنية من مادة الكوارتز وعلى رأس الكوارتز توجد شبكة من نيتريد السيليكون وهذه الشبكة( waveguides ) تتحكم في أشعة الليزر التي تنفذ عبر طبقات الشريحة الإلكترونيّة . فوق هذه الشبكة يوجد طبقة من الزجاج وفوق الزجاج أقطاب النيوبيوم ، وفي هذه الأقطاب فتحات يتمُّ توجيه أشعة الليزر من خلالها، وهي فتحات صغيرة ؛ليتم ضمان أنْ تصطدم أشعة الليزر بالأيون المحدد لها ؛ حتى لا تجذب وتُحرك أيونات أخرى . والأيونات تلك تقف فوق هذه الشريحة الإلكترونية [ أي فوق الكوارتز ] بمسافة[ 50] مايكرومتر .
مع هذه النسخة الأوليّة للشريحة فإنَّ الباحثين قيَّموا أداء الحواجز الشبكيّة وحابسة الأيونات. ولكن يبدو أنَّه ﻻ توجد طريقة لتمييز مقدار الضوء الذي يصل لكل أيون. أهمية قياس الضوء تكمن في أنَّ الباحثين يحاولون الوصول لطريقة للتأثير على الضوء من خلال الحواجز الشبكية ؛ حتى يمكن لكيوبتات مختلفة أنْ يصل لها الضوء معاً، ولكن، يكون لكل ضوء شدة زمنية متفاوتة، وهذه تعدُّ خطوة مساعدة للقدرة على برمجة الكيوبت بكفاءة عالية جداً لأنَّ الكمبيوتر الكميّ والعمليات الكميّة مربوطة سرعتها وأداؤها بالزمن الاتساقي للكيوبت.
المصادر في رابط المنشور على صفحتنا
.