تغيُّرُ المُناخ جعل الجفاف في جنوب غرب أمريكا واحدًا من أسوأ موجات الجفاف خلال آخر 1200 عام.
تغيُّرُ المُناخ جعل الجفاف في جنوب غرب أمريكا واحداً من أسوأ موجات الجفاف خلال آخر 1200 عام.
-كشفَتْ دراسةٌ جديدةٌ أن حالة الجفاف في جنوبِ غربِ أمريكا الشمالية التي استمرت من عام 2000 إلى عام 2018 تعدّ من أشد حالات الجفاف التي ضربت المنطقة في آخر 1200 سنة، ويكشفُ بحثُ المُناخ في الماضي، القائم على دراسة حلقاتِ الأشجار، عن فترةٍ واحدةٍ كانت أكثر جفافًا استمرّت لمدة 19 عاماً وهي فترة “الجفاف الكبير” الشديد في أواخر القرن السادس عشر. ويقول الباحثون إن الجفاف الأخير أصبح أشد بنسبة 47% بسبب تغيّر المُناخ الذي تسبب فيه الإنسان. حلقات الشجرة هي نطاقات نموٍّ سنويّةٍ ذات عرضٍ متغيّرٍ حسب توفُّرِ الماء الجاهز، وباستخدام سجلات حلقات الأشجار من 1586 موقعاً في جميع أنحاء غرب الولايات المتحدة وشمال غرب المكسيك -والتي تصل إلى آلاف الأشجار- أنشأ عالِم المُناخ المائي، بارك ويليامز Park Williams وزملاؤه من جامعة كولومبيا Columbia University تاريخاً مناخياً للمنطقة يعود إلى نحو عام 800 للميلاد.
-أفاد الباحثون في مجلّة العلوم أنه بين عام 850 و1600 للميلاد تقريباً ضربت المنطقة “موجات هائلة” من الجفاف استمرّت عدة عقود، وعلى نطاق لم يُرَ مرةً أخرى حتى يومنا هذا. يقول ويليامز بشأن الجفاف المدمّر الذي استمرّ من 1575م إلى 1593م المُدرَج في السجلات التاريخية وتحديث حلقات الأشجار على حد سواء، يقول: “لقد كان هذا حدثاً مثيراً للإعجاب حقاً، ونوعاً من اللحظات الأخيرة من عصر الجفاف”. ربما يكون الجفاف قد ساهم في التخلي عن نيو بويبلوس New Mexico pueblos وانتشار الأمراض المدمّر الذي تسبب فيه الغزاة الإسبان بين السكان الأصليّين لأمريكا، وأحد أكبر العوامل التي تتحكّم في هطولِ الأمطارِ في جنوبِ غرب أمريكا الشّمالية هو تذبْذبُ” النينو” الجنوبي (El Niño–Southern Oscillation)، وهي دورةٌ طبيعيّةٌ يمكن أن تغيِّرَ فيها التقلباتُ في درجاتِ الحرارةِ في المحيط الهادئ الاستوائي tropical Pacific Ocean أنماطَ الطقسِ الإقليميّة.
خلال حلقات “النينا” (La Niña) من هذا النمط، تؤدي درجات حرارة سطح البحر الباردة في المحيط الهادئ إلى تكوين موجاتٍ جويّةٍ تمنع عواصف المحيط الهادئ من الوصول إلى جنوب غرب أمريكا الشمالية، مما يقلّل من هطول الأمطار.
تزامنَ الجفافُ الكبيرُ في القرن السّادس عشر على سبيل المثال مع حدث النينا القوي، يقول ويليامز: “على مدى العقدين الماضيَيْن، كان لدينا مجموعةٌ من السنوات الشبيهة بالنينا أكثر من السّنوات الشبيهة بالنينو”. ووجد الفريق أن النينا وحدها لم تكن مسؤولةً عن شدة الجفاف الأخير. درس العلماء 31 محاكاةً مناخيةً وطرحوا منها درجات الحرارة التّابعة واتجاهات هطول الأمطار المتعلّقة بتغيُّر المُناخ الذي يسببه الإنسان، تاركين التقلّبات الطبيعية فقط، وفي ذلك العالم الحديث الافتراضيّ وجدوا أنّ الجفاف الأخير كان سيكون أقل حدة بنسبة 47%.
وتُضاف هذه النتائج إلى الأدلّةِ المتزايدة على أن ارتفاع درجات الحرارة حول العالم في العقود القليلة الماضية قد أدّى إلى تفاقم تأثير انخفاض هطول الأمطار من أحداث النينا، على سبيل المثال، من خلال زيادة تجفيف التربة والحدّ من الثلوج وتدفُّق الأنهار، وفقاً لعالم المُناخ القديم كوني وودهاوس Connie Woodhouse، من جامعة أريزونا في توكسون University of Arizona in Tucson الذي لم يشارك في الدراسة.
-يشير ويليامز إلى أن عام 2019 الرطب قدم فترة راحة قصيرة للمنطقة، تمامًا كما احتوتْ موجاتُ الجفاف الضخمة في الماضي العامَ الرطبَ الغريب. تواصلت الظروف الجافة في عام 2020، وتتوقّع عمليات المحاكاةِ المناخيّة للعقود القليلة المقبلة ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار في هذا الجزء من العالم، ويقول ويليامز: “إن الغرب في حالة جفافٍ خطيرة، ليست هي الأسوأ منذ 50 عاماً فقط، بل على نطاقٍ زمنيٍ يمتدُّ لآخر ألف سنة”، ويضيف: “إن التقلبات الطبيعيّة مثل سنة النينو التي يمكن أن تجلب المزيد من الأمطار إلى المنطقة يمكن أيضاً أن تساعد في التّخفيف من الجفاف خلال القرن المقبل، ولكن بمرور الوقت سوف يتطلّب الأمر المزيد والمزيد من الحظّ السّعيد لإنهاء هذه الأنواع من الجفاف، وحظاً أقل سوءاً للوصول إلى واحدةٍ من حالات الجفاف تلك مرةً أخرى”.
المصدر :
Climate change made a southwestern U.S. drought one of the worst in 1,200 years
https://phys.org/news/2020-04-west-megadrought-worst-modern-age.html